مقالات

جريمة مُخلة بالشرف.. أيّ شرف منهم؟

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

‭ ‬الاختلاسات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تتصدر‭ ‬ما‭ ‬أُصطلح‭ ‬عليه‭ ‬سرقة‭ ‬القرن‭ ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬سرقات‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬الوقت‭ ‬لكشفها،‭ ‬انما‭ ‬هي‭ ‬جرائم‭ ‬مُخلة‭ ‬بالشرف،‭ ‬وأركز‭ ‬هنا،‭ ‬على‭ ‬الشرف‭ ‬الوطني‭ ‬والسياسي‭. ‬لا‭ ‬تعنينا‭ ‬إجراءات‭ ‬وترتيبات‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬النزاهة‭ ‬أو‭ ‬القضاء‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬لصوص‭ ‬صغار‭ ‬او‭ ‬كبار‭ ‬نهبوا‭ ‬المال‭ ‬العام،‭ ‬بعد‭ ‬تسويات‭ ‬معينة‭ ‬وراء‭ ‬الكواليس‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬جزء‭ ‬أو‭ ‬كل‭ ‬الأموال‭ ‬المسروقة‭ ‬مقابل‭ ‬خروج‭ ‬أولئك‭ ‬من‭ ‬السجون‭.‬

الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تعيد‭ ‬الأموال‭ ‬المسروقة‭ ‬هذه‭ ‬مسألة‭ ‬تقدرها‭ ‬السلطات‭ ‬المختصة‭ ‬ومدى‭ ‬كون‭ ‬أهميتها‭ ‬أكثر‭ ‬نفعاً‭ ‬من‭ ‬سجن‭ ‬لص‭ ‬لا‭ ‬يعيد‭ ‬الأموال‭ ‬وينتظر‭ ‬يوما‭ ‬يفرج‭ ‬فيه‭ ‬عنه‭ ‬ليتمتع‭ ‬بالمسروقات‭ ‬أو‭ ‬انّ‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬ذويه‭ ‬وأهله‭ ‬مَن‭ ‬يستطيع‭ ‬الإفادة‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬المنهوب‭.‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬أية‭ ‬شخص‭ ‬متورط‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬لمزاولة‭ ‬حياته‭ ‬السياسية‭ ‬بعد‭ ‬دورة‭ ‬انتخابية‭ ‬أخرى،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ضمن‭ ‬اية‭ ‬فعالية‭ ‬سياسية‭ ‬وطنية،‭ ‬وعلى‭ ‬الأحزاب‭ ‬التي‭ ‬ينتمي‭ ‬اليها‭ ‬هؤلاء‭ ‬نبذ‭ ‬المتورطين‭ ‬والملوثين‭ ‬بالمال‭ ‬الحرام‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬نالوا‭ ‬الاعفاء‭ ‬الحكومي‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬حسابات‭ ‬أخرى،‭ ‬وربّما‭ ‬ظرفية‭.‬

انّ‭ ‬الشفافية‭ ‬التي‭ ‬ترفعها‭ ‬الجهات‭ ‬التنفيذية‭ ‬والبرلمانية‭ ‬شعاراً‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬موسم‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬الحكم،‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬ما‭ ‬يقابلها‭ ‬داخل‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬التنظيمية،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تفرز‭ ‬للمجتمع‭ ‬تلك‭ ‬السقطات‭ ‬الملوثة‭ ‬التي‭ ‬تنخر‭ ‬البلاد‭.‬‭ ‬الفاسدون‭ ‬ليسوا‭ ‬وليدي‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفيذي‭ ‬للحكومة،‭ ‬وانّما‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬الحواضن‭ ‬الحزبية‭ ‬الضيقة،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬يجري‭ ‬بثهم‭ ‬داخل‭ ‬الأوعية‭ ‬الحكومية‭ ‬ليكتسبوا‭ ‬أغلفة‭ ‬التخفي‭ ‬التي‭ ‬تكسبهم‭ ‬شرعية‭ ‬ديمومة‭ ‬النهب‭

.‬بقانون‭ ‬الاستعاضة‭ ‬الرياضي،‭ ‬تكون‭ ‬الأحزاب‭ ‬هي‭ ‬موطن‭ ‬الفساد‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬تعيش‭ ‬حياة‭ ‬الانفلات‭ ‬الديكتاتوري‭ ‬غير‭ ‬المسيطر‭ ‬عليه‭ ‬وغير‭ ‬الخاضع‭ ‬لأية‭ ‬رقابة،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬لمقارنة‭ ‬الوضع‭ ‬الداخلي‭ ‬لحزب‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬مع‭ ‬اية‭ ‬حياة‭ ‬داخلية‭ ‬لحزب‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬او‭ ‬العالم‭ . ‬

بالرغم‭ ‬من‭ ‬انّ‭ ‬الأغلبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬الأحزاب،‭ ‬انما‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬أحزاب‭ ‬لها‭ ‬أنظمة‭ ‬داخلية‭ ‬وتعمل‭ ‬عبر‭ ‬نتاج‭ ‬ولادة‭ ‬تاريخية‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬العراق‭ ‬يشهد‭ ‬ولادة‭ ‬أحزاب‭ ‬منذ‭ ‬قيام‭ ‬دولته‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬عشرينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭

. ‬هي‭ ‬تشكيلات‭ ‬انبثقت‭ ‬من‭ ‬ضرورات‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬المطبوخة‭ ‬والمخبوزة‭ ‬في‭ ‬أفران‭ ‬الخارج‭ ‬والتي‭ ‬يجري‭ ‬تصريف‭ ‬بضائعها‭ ‬الرديئة‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬منذ‭ ‬عشرن‭ ‬سنة‭.‬الانهيار‭ ‬الأكبر‭ ‬لم‭ ‬يحن‭ ‬وقته‭ ‬بعد،‭ ‬لكنه‭ ‬قادم‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى