مقالات

جواز السفر..والمغضوب عليهم

د. فاتح عبدالسلام

يفرح العراقي بما سمعه من وزير الداخلية عن نية الحكومة تغيير جوازات السفر بشكل كامل لتحتوي على تقنية الشريحة الالكترونية الخازنة للمعلومات والتي من الصعب تزويرها. والتبرير المعلن هو سيطرة تنظيم داعش على كمية كبيرة من جوازات السفر في خلال احتلاله لمدن كبيرة تمتد على ثلث مساحة البلد قبل أربع سنوات. وبغض النظر عن مسألة عمليات التزوير التي ربما لاتنتهي بتغيير الجواز ، اذا كانت عملية المنح أصلاً ، لا سمح الله ، تتم استنادا الى وثائق شخصية أخرى غير صحيحة ، فإنَّ امتلاك المواطن العراقي جوازاً حديثاً هو جزء من حقه الذي يتيح له التنقل بوثيقة لا يرقى لها الشك وتمثل خلاصة الوثائق في اثبات الشخصية كما تتعامل دول العالم مع الجواز كوثيقة جامعة ونهائية لا تحتاج الى دعم وتعزيز من وثائق أدنى منها مرتبة، كالبطاقة التموينية مثلاً .غير انّ الأهم من ذلك كله هو السعي المطلوب، وهذا ليس من اختصاص الداخلية طبعاً، وانّما وزارة الخارجية ورئاسة الوزراء، لكي ترتفع درجة الجواز العراقي في تسلسل قائمة جوازات السفر في العالم، إذ لا يزال هذا الجواز في المؤخرة من حيث الدول التي تتيح لحامله تلقي تأشيرات الدخول في النقاط الحدودية الدولية والمطارات من دون التقدم مسبقاً بطلب الى السفارات المعنية باستمارة التأشيرة، كما يطمح المواطن العراقي انْ يعامل في دول الجوار،وبعضها عربي، من دون أن يلاحق بغرامات الاقامة التي تزيد عدد أيامها على رقم تعتمده تلك الدول، ذلك انَّ العراق يمتلك مزايا كثيرة من الممكن أن تعزز وضع مواطنيه في الاقامة عند دول الجوار.المواطن العراقي، حين يخرج بجواز سفره الى بلدان ليست بعيدة، يشعر انه عاري الامكانات من المحاججة والمطاولة والمجادلة بما يحمله من جواز سفر عند تعرضه لمشكلة بسيطة، بل يشعر انّه أعزل ليس خلفه دولة من الممكن أن تدافع عنه وتطالب بحقوقه المهضومة كما يحصل مع مواطني حكومات أوروبية مثلاً. والاكثر من هذا انّ العراقيين ليست لديهم ثقافة مراجعة السفارات والقنصليات والالتجاء اليها إلا في حدود قنصلية ضيقة جداً، وليس من خلال مفهوم انَّ السفارة العراقية في الخارج هي بيت معنوي للعراقيين وملاذ لهم في الازمات الشخصية، كمنهج عام، وليس من خلال غيرة فردية لبعض موظفي الخارجية والسفارات في تقديم يد العون او الاسراع في في تجاوز العقبات.نتمنى أن تبحث الحكومة العراقية الحفاظ على كرامة المواطنين في بلدان العالم، من خلال الحصول على التأشيرة والمعاملة بالمثل، بل الضغط على الحكومات من أجل أن تصدر تعليمات، وربما قوانين تمنح العراقي امتيازات في مدة فترة الاقامة وسواها، مادام العراق بلداً غنياً بنفطه وموقعه ومكانته ودوره. هذا اذا كان المعنيون يعون تلك المزايا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى