مقالات

حكومة الكاظمي ..المهام والمسؤولية

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

من الصحيح ان نقول بأن مصطفى الكاظمي المكلف بتشكيل الوزارة العراقية يجب ان يستند على قرار وطني عراقي ويلتزم ببرنامج الإصلاح الذي ينشده المواطن العراقي الذي ينتظر منه تلبية حقوقه في الحياة الحرة الكريمة والتي عليه مهام كبيرة وحلّ مشاكل كثيرة،

خصوصاً هي حكومة مؤقتة تؤسس لفرض القانون وإعادة هيبة الدولة والتهيئة للانتخابات المبكرة ونجاح الكاظمي في تلك المهمة تبنى على حرصه للمضي قدماً في تنفيذ مهمة التكليف المناطة بشرف كبير ومسؤولية عالية يعتمدها، واضعاً أمام عينه هدفاً أساسياً مقدساً هو إنقاذ العراق وعودته إلى مساره الصحيح بعد الانتكاسات الكبيرة التي مرت به، بلداً مستقراً امناً

و يعني انه يستدل الستار عن اصعب ازمة سياسية في واحدة من أسوأ فصولها و كانت تنذر ولا زالت بتصعيد خطير تخطط له في الظلام على جميع الاصعدة تهدف إلى زيادة التوتر والاستقطاب في الشارع تمهيدا لما هو قادم وحضي بتأييد داخلي ودولي نسبي قد يعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي بشكل مؤقت ، و يحرك عجلة إعادة البناء. على ان يقف الكل إلى جانبه ، ويسانده بكل الإمكانات في مسيرة تثبيت الاستقرار،

وإعادة الثقة المفقودة بين الحكومة والشعب وحماية أمنه البلد وسيادته ومصالحه. ، اذا صح ذلك سيهيئ الاجواء دون صعوبة لخفض التوتر وتهدئة الأوضاع وايقاف التوترات الأمنية والعسكرية السائدة على الرغم من ان نتائج اكثر التحليلات تقر بان رؤيته الواسعة بالفتن الأمنية الرئيسية في العراق ستساعده في تخفيضها ولكن لن يكون قادراً على تشكيل حكومة قوية حتى وان كان يمتلك خبرة في المجال الأمني وفي التعامل مع الأطراف السياسية و يخلف حكومة عادل عبد المهدي الذي استقال مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2019، تحت ضغط احتجاجات شعبية تطالب برحيل ومحاسبة كل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة،

وقد يرى الكاظمي الطريق امامه اقل صعوبة لامرار حكومته وموافقة الاكثرية على تمريرها وخاصة انه لم تظهر عليه اي مؤشرات أو ملفات فساد واحدة مما يعطيه دافعا قويا امام الكتل السياسية الوطنية ومقبولية عالية في الشارع العراقي ،لكن الاختبار الابرز له يكمن بإخراج البلد من ساحة الصراع الدولي و تتعلّق بملف وجود القوات الأميركية بكل ما فيه من تفاصيل والتي تسعى إلى الإبقاء على داعش عند الشريط الحدودي بين العراق وسوريا، في تعمد لزعزعة الاستقرار السياسي وخلق فراغ في السلطة والتشجيع لتقسيم العراق ،

كذلك مهمة نزع السلاح المفرط في الشارع وحصره بيد الدولة ، وهي المهمة الاصعب في ظل الظروف الصعبة والحرجة التي تحيط بالبلد وشعبه و خلق عراق ينعم بالسلام والاستقرار وهو مستقل الارادة ولا ينتمي إلى أي صراع سياسي اقليمي او دولي سوى ارادة شعبه ومصالحه ،

في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط التي يعتمد عليها في الموازنات السنوية وانخفاض النمو الاقتصادي ، و تحديات خطيرة اخرى والذي أنهكته عقود من العقوبات والحرب والفساد السياسي، أزمات اقتصادية واضطرابات اجتماعية فضلا عن ” أزمة تفشي وباء فيروس كورونا المستجدة الحالية ” كل ذلك في ظل تسيير حكومة تصريف أعمال لشؤون البلاد في زمن وشروط محددة اقره الدستور ، وقد تعهد أمام الشعب في خطابه الاول ” بالعمل على تشكيل حكومة تضع تطلعات العراقيين ومطالبهم في أولوياتها، وتصون سيادة الوطن وتحفظ الحقوق، وتعمل على حل الأزمات، وتدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام”

و لكن ! قد يحظى بحظ اوفر من الذين سبقوه من المكلفين بتشكيل الحكومة، لاسباب منها كونه اقل جدلية من سابقيه و يتفهم ويعي تطلعات الكتل وله تجربة عملية في مؤسسات الدولة و لتوليه منصب مهم وحساس رفيع المستوى ” رئيس لجهاز المخابرات في حكومتين ” وقد احتك لفترة من الزمن مع كتل واحزاب السلطة ولايعني عدم وجود مصاعب وتحديات تجابه انبثاق الحكومة،

خاصة في ظل اصرار البعض من الكتل في فرض إراداتها وإملاءاتها سواء في التعليل على بعض تفاصيل البرنامج الحكومي او حصة مكوناتهم واحزابهم من الوزارات وسوف يصطدم برفض كتل اخرى بتكريس نهج المحاصصة في تشكيل الحكومة وهذا بارز من خلال التصريحات التي ادلت بها بعض القوى المؤثرة في العملية السياسية فيما يخص حقوق المكونات ، اننا جميعاً متفقون على انه لا اشكال في ضمان حقوق المكونات جميعها في تشكيلة الحكومة والكابينة الوزارية وهذا لايتعارض مع نصوص الدستور، لكن شرط ان لاتتحول من حقوق المكونات إلى حقوق الاحزاب لانه سيكون عامل للإجهاض على عمل التشكيلة .ويجب اعطاء الحق لرئيس مجلس الوزراء لانتخاب اشخاص لهم الكفاءة والمقدرة والنزاهة والتخصص وتكون من الشخصيات غير المعروفة بالفساد بين الاوساط السياسية والشعبية، مع تميزها بالمهنية في مجال عملها،

كما يتم تقديم أكثر من مرشح لكل حقيبة وزارية، وتكون حرية الاختيار للكاظمي، من دون فرض اسم معين عليه”. من الاطياف العراقية الوطنية المختلفة لتمثل تلك المجموعات بعيداً عن المحاصصة الفئوية والحزبية، وتشكل حكومة مهنية قادرة على إدارة المرحلة المقبلة، خصوصاً بفعل اطلاعه الكبير بحكم مسؤولياته على الملف السياسي بسلبياته وايجابياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى