مقالات

حكومة غسيل أفعال

حكومة غسيل أفعال – براعم علي العگيدي

من المعروف والمتداول جدا ع النطاق الحكومي والاقتصادي ،ان الحكومات غالباً ماتكون حكومة غسيل اموال،ويعرف غسيل الاموال على المستوى الاقتصادي بأنه عملية تحويل كميات كبيرة من الاموال غير القانونية الى اموال نظيفة يمكن التصرف بها،اي انها عملية (تحويل الحرامي الى رجل اعمال محترم ) ،وبما أن الحكومات وعلى مدار عقود من الزمن قد صرفت الكثير الكثير من مواد التنظيف لغسيل الاموال،فهي اليوم تتحول الى الافعال،لتتولى غسيلها وتحويلها الى افعال محترمة يجب على المواطن ان يشعر بقيمتها ويقدم الشكر والامتنان لفاعليها،فبعد ان كان المسلمون يُطالبون منذ عقود من الزمن بتطبيق الحد الشرعي على كل من يغلبه فقره ويدفعه للتفكير بالسرقة ، وذلك بقطع يده،نجدهم اليوم يصفقون للسارق مشجعين وشاكرين وممتنين، فبعد ان غدى المواطن بلا عمل وغدت الشهادة بلا قيمة،صار التعيين في الشركات الاهلية نعمة،وغدى ذلك الراتب (الذي لايعيل العائلة) فظلاً وعطاء،صارت المدارس الاهلية والجامعات فاتحة خير امام المهملين من الطلبة، والمظلومين من المتقاعدين ،والفقراء من الشباب الذين غلقت في وجوههم الابواب قبل ان يكتب لها ان تفتح ..اليوم اصبحنا نشكر السارق الذي نهب اموالنا وتكرم ليعطينا منها قرشاً..فبعد ان سرقوا منا سلتنا تكرموا واعطونا من العنب حبة،ولا خيار امامنا سوى ان نركع قانعين راضين حامدين وشاكرين ، مقتنعين بأن ريشة في اليد خيرٌ من عصفور على الشجرة..وسيبقى ذلك الشعب في حالة رضى تام حتى يأتي اليوم الذي يجد نفسه مظطراً لبيع (كليته) من اجل ان يملأ(معدة)ابنائه،ورغم بقائه وحيد الكلى،سيبقى يمجد قائده واصفاً اياه باروع ابيات المديح والثناء،فنحن شعوب تعشق خيال الشعر والشعراء ، تهوى طرق المبالغة واساليب الضرورة الشعرية التي تجعل المنصوب ناصب،والمفعول فاعل ،حتى غدونا في هذا الزمن لا محل لنا من الإعراب!!!!!وإكراماً لنا وتقديراً لمديحنا واساليبنا الشعرية ، تستمر الحكومات بغسل افعالها باجود انواع المنظفات التي يدفعون ثمنها من قوت المواطن الفقير الذي يحيا في وطن يملك مزارعاً للعنب،لكن ابناءه لا ينالون منها الا حبة..حبة غير صالحة للأكل البشري او الحيواني..اعان الله شعباً غارقاً بتلك (الافعال المغسولة) ، لكنها رغم محاولة تنظيفها ستبقى بشعة المظهر ،نتنة الرائحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى