مقالات

حينما تحاصرنا وزارة الحقيقة

حينما تحاصرنا وزارة الحقيقة – منقذ داغر

في تلخيصٍ وتجسيدٍ رائعَين لأفكاره التي تنتفض على سطوة الأخ الأكبر،يتلو علينا جورج أورويل في رائعته 1984 وفي تهكمٍ ساخر،الشعارات الثلاثة المكتوبة على واجهة وزارة الحقيقة في دولة أوقيانويا:-الحرب هي السلام!-الحرية هي العبودية!!-الجهل هو القوة!!!وحين قرأتُ من جديد هذا النص الباذخ في المبنى والصادم في المعنى قفز لذهني مباشرة تساؤل عن وزارات الحقيقة التي تحاصرنا في كل دولنا المقيدة والمراقبة بسلطة الأخ الأكبر.وهنا أرجو أن لا تخطئوا الظن بأن أورويل كان يقصد بالأخ الأكبر فقط الحزب الشيوعي لصاحبه الاتحاد السوڤيتي،ولا البعث العربي لصاحبَيه العراقي أو السوري،ولا حتى الأسلامي لصاحبه الأخواني،أو الدعوة لصاحبه الأسلاموي،ولا أي حزبٍ مؤدلجٍ آخر. أورويل كما أفهمهُ كان معارضاً لأي سلطةٍ تنزع لباس الحرية الذي ألبسه الله لكل من خلق من حيوانٍ أو نباتٍ أو بشر.محاربة الارهابوسواء كان التبرير لنزع الحرية وتكميم العقول وغلق الأفواه هو الفضيلة،أو الإنضباط أو التنظيم أو منع الفوضى أو محاربة الأرهاب،أو المحافظة على الثقافة والقيَم والأخلاق،أو مقاومة المحتل أو سواها من الحجج،فأن أستلاب الحرية في رأيي يفوق في تدميره للانسان وإنسانيته،كل المبررات السابقة أو سواها.وكأني بأورويل يريد أن ينبهنا في الشعار الثاني (أعلاه) أن أن العبودية لا يمكنها أن تنتج حرية. هنا تذكرتُ بسخريةٍ شعار (وطنٌ حرٌ وشعبٌ سعيد)،أو (وحدة،حرية،إشتراكية).بنفس الطريقة فأن من يريدون أقناعنا أن السلاح والحرب يمكنهما أن يصنعا السلام هم فقط أولئك المهووسون بالعنف والمؤمنون بفكرة أن العالم هو غابة كبيرة ولذلك فإن (لم تكن ذئباً أكلتك الذئابُ)!والحقيقة أن من لا يعرف السلام في نفسه لا يمكنه ان يصنع السلام أو يعيشه. هنا تداعت لذهني شعارات الأحزاب والجماعات الإسلاموية (الشبعية والسنية)التي تجعل السيف والبندقية هما الطريق للانعتاق والحرية!ولأن القائمين على وزارات(الحقيقة) في بلداننا لا ينظرون لنا الا كحيواناتٍ شرسة يقاتلون بها ليبلغوا(سلامهم)،ويقيدونها بالأغلال كي يأمنون شرها ضدهم،فأن الجهل هو السبيل لقوتهم.فالحيوان الجاهل المقيد بالحضيرة هو ذاك الذي يستحق العلف ويمكنه العيش في (السَلَف)!وزارة الحقيقة التي يديرها الأخ الأكبر المتدين بأسم الفضيلة،والمتـــــــعلمن بأسم مكافحة التطرف والفــــــــوضى تحاصرنا حيث ذهبنــــا، وتمــــــنعنا حيث انطلقنا، وتلطمنا حيث نطـــــــقنا، وتكفّرنا حيث فكرنا، وتخوننا حيث أختلفنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى