مقالات

دورنا الخارجي..وقاية أم وقود؟

د. فاتح عبدالسلام

رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬قبل‭ ‬ثمانية‭ ‬وعشرين‭ ‬يوماً‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬حاملاً‭ ‬ملف‭ ‬المفاوضات‭ ‬الإيرانية‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬جرى‭ ‬عبرها‭ ‬ثلاث‭ ‬جولات،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬يعلم‭ ‬عن‭ ‬المتبقي‭ ‬منها‭ ‬شيئاً،‭ ‬ولعل‭ ‬العراقيين‭ ‬يحاولون‭ ‬جاهدين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬فهم‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬اهتمامات‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬ملف‭ ‬أثقل‭ ‬من‭ ‬ملف‭ ‬الهموم‭ ‬العراقية‭ ‬الداخلية‭. ‬صحيح‭ ‬انّ‭ ‬الزيارة‭ ‬تتضمن‭ ‬الملف‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬وتتصدره‭ ‬ديون‭ ‬الغاز‭ ‬الإيراني‭ ‬لمحطات‭ ‬التوليد‭ ‬الكهربائي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صعوبة‭ ‬التسديد‭ ‬بالدولار‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬عقوبات‭ ‬أمريكية‭ ‬،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬ما‭ ‬يقنع‭ ‬أحدا‭ ‬بأنّ‭ ‬الوضع‭ ‬التداخلي‭ ‬الإيراني‭ ‬العراقي‭ ‬في‭ ‬يصعب‭ ‬عليه‭ ‬حل‭ ‬مسألة‭ ‬التسديد،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بالاستنارة‭ ‬بما‭ ‬فعلته‭ ‬الحكومات‭ ‬العراقية‭ ‬السابقة‭ ‬من‭ ‬اعاجيب‭ ‬في‭ ‬توثيق‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الجار‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬للعراق‭ ‬همّ‭ ‬سواه،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مشكلاته‭ ‬الخارجية‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬فإن‭ ‬العراق‭ ‬يحمل‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬الثقل،‭ ‬ويهرول‭ ‬امام‭ ‬الجانبين،‭ ‬متناسيا‭ ‬انّ‭ ‬مصائب‭ ‬بلادنا‭ ‬اكبر‭ ‬من‭ ‬مصائب‭ ‬الاخرين‭ ‬الذين‭ ‬لهم‭ ‬اجنداتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬يغيروها‭ ‬في‭ ‬التوقيتات‭ ‬المناسبة‭ ‬لهم،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬دور‭ ‬العراق‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬مد‭ ‬الجسور‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬المتصارعين،‭ ‬طهران‭ ‬والرياض‭ . ‬كان‭ ‬العراقيون‭ ‬يفهمون‭ ‬ان‭ ‬التوسط‭ ‬الحكومي‭ ‬العراقي‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬الأمريكي‭ ‬والدخول‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬الحوار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تلبية‭ ‬رغبة‭ ‬اللوبي‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬العراق،‭ ‬هو‭ ‬مصلحة‭ ‬عراقية‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬ارض‭ ‬البلاد‭ ‬ساحة‭ ‬صراع،‭ ‬فهل‭ ‬ترقى‭ ‬حجج‭ ‬التوسط‭ ‬بين‭ ‬ايران‭ ‬والسعودية‭ ‬الى‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬حجج‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬الامريكان؟‭ ‬‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬قنوات‭ ‬اتصال‭ ‬خليجية‭ ‬توصل‭ ‬الرسائل‭ ‬بكل‭ ‬وضوح‭ ‬بين‭ ‬المتصارعين‭ ‬الإيراني‭ ‬والسعودي،‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تفض‭ ‬الى‭ ‬نتيجة‭ ‬سوى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاحتكاكات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬فما‭ ‬عسى‭ ‬ان‭ ‬ينجح‭ ‬فيه‭ ‬العراق‭ ‬سوى‭ ‬توفير‭ ‬مجموعة‭ ‬كراسي‭ ‬ومنضدة‭ ‬للمفاوضات؟‭ ‬ذلك‭ ‬انّ‭ ‬الذي‭ ‬يتوسط‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬الطرف‭ ‬الحكومي،‭ ‬وليس‭ ‬الوسط‭ ‬المرتبط‭ ‬بإيران،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬فإنَّ‭ ‬الوسيط‭ ‬العراقي‭ ‬ليست‭ ‬له‭ ‬دالة‭ ‬على‭ ‬الإيراني‭ ‬المستعظم‭ ‬بقوته‭ ‬وحرسه،‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬السعودي‭ ‬المستعظم‭ ‬بأمواله‭ ‬واقتصاده‭. ‬الخلاصة،‭ ‬نحن‭ ‬كعراقيين‭ ‬نريد‭ ‬ان‭ ‬نعرف‭ ‬ما‭ ‬دورنا‭ ‬بين‭ ‬صراع‭ ‬كبار‭ ‬المحيط‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وماذا‭ ‬سنجني‭ ‬فعلياً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدور،‭ ‬وما‭ ‬الضمان‭ ‬الذي‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬تحول‭ ‬دورنا‭ ‬من‭ ‬الوقاية‭ ‬الى‭ ‬الوقود؟‭ ‬والذي‭ ‬يثير‭ ‬الغرابة‭ ‬انّ‭ ‬ممثلي‭ ‬الشعب‭ ‬المفترضين،‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬سكراتهم‭ ‬الأخيرة،‭ ‬غير‭ ‬معنيين‭ ‬بما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬ملفات‭ ‬خارجية،‭ ‬ولم‭ ‬يطلب‭ ‬أحدهم‭ ‬رسميا‭ ‬المكاشفة‭ ‬بحقيقة‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بدورنا‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ …. ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عيون‭ ‬الاخرين‭. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى