مقالات

رغم الفشل والفساد يريدون حكم البلاد

رغم الفشل والفساد يريدون حكم البلاد : سامي الزبيدي

في القانون هناك مقولة معروفة وهي ان الاعتراف سيد الأدلة أي لا دليل يعلو على اعتراف المذنب والمجرم بجريمته , وفي عراق ما بعد الاحتلال الأمريكي بعد ان أحكمت أحزاب وكتل تدعي أنها إسلامية قبضتها على البلاد وأمور العباد استبشر العراقيون خيرا من ان العراق سيكون عراقاً جديدا كما قال الأمريكان ومن جاء معهم وسيكون مثالاً للأنظمة الديمقراطية في المنطقة عراقاً وحسب دستورهم تعددي فيدرالي يؤمن بالحريات العامة ويوظف ثروات البلد وأمواله لبناء الوطن وتحسين الأوضاع المعيشية والصحية والعمرانية والاقتصادية للمواطنين لكن وللأسف الشديد لا شيء من هذا حدث بل على العكس فقد حكمت العراق أحزاب طائفية أثارت الصراع الطائفي بين مكونات الشعب المتآخية فكانت حربا طائفية راح ضحيتها الآلاف من أبناء شعبنا الأبرياء ضحايا لعقلية طائفية انتقامية همها السلطة والنفوذ والمال الحرام والانتقام فتقاسمت هذه الأحزاب المناصب والمكاسب في كل الحكومات وفي كل مؤسسات الدولة وفق المحاصصة الحزبية والطائفية ثم مارست الاجتثاث والإقصاء لكفاءات العراق ونخبه الأكاديمية والعلمية الوطنية ونادت بالثارات وأثارت الضغائن والأحقاد ومارست أبشع عمليات القتل والتصفيات الجسدية والاغتيالات التي طالت كفاءات العراق العلمية والطبية والقيادات العسكرية والأمنية لإفراغ العرق من كفاءاته ونخبه الأكاديمية وتصاعدت أعمال القتل بعد أن سن الأمريكان قانون اجتثاث البعث الذي استغلته أحزاب السلطة لتصفية وقتل وإبعاد كل معارض لها ثم اصدر الحاكم المدني للعراق بول بريمر قانون حل الجيش والمؤسسات الأمنية الذي أدى الى حدوث فراغ امني استغلته مليشيات الأحزاب لتنفيذ جرائمها ضد أبناء الشعب وجيشنا ولزيادة الطين بله اصدر بريمر قانوناً آخر لا يقل سوءا عن سابقه ألا وهو دمج الميليشيات في الجيش الجديد والأجهزة الأمنية التي تم تشكيلها فسيطرت الأحزاب الطائفية على هذه المؤسسات من خلال ما يعرف بضباط الدمج وفقد الجيش والمؤسسات الأمنية مهنيتها وكفاءتها وضبطها العالي فازدادت العمليات الإرهابية والميليشياوية لتزهق آلاف الأرواح البريئة من أبناء الشعب وفوق كل هذا فقد مارست الأحزاب المتسلطة الفساد وسرقة المال العام ونهب ثروات الوطن حتى أصبح قادة هذه الأحزاب والكتل في ليلة وضحاها من أصحاب المليارات من الدولارات والعقارات والشركاتمصدر ماليواستشرى الفساد في كل وزارات ومؤسسات الدولة واصبحت الوزارات مصدر مالي مهم من مصادر تمويل الأحزاب والكتل التي شكلت لها مكاتب اقتصادية تدير من خلالها عمليات سرقت أموال الوزارات وتخصيصاتها وأهملت البناء والأعمار وتقديم ابسط الخدمات للشعب العراقي وتامين ابسط الحقوق له في العيش بحرية وكرامة في وطنه ومن أمواله الكبيرة فسرقت هذه الأحزاب والكتل وقادتها مئات المليارات من الدولارات كانت تكفي لبناء بلد يضاهي دول الخليج المتطورة وحتى الدول الأوربية وبسبب الفساد والسرقات وسوء الإدارة انحدرت كل الخدمات الى الحضيض وفي المقدمة منها الصحية والتعليمية والخدمات البلدية والكهرباء التي أصبحت مشكلة أزلية خلال حكم الأحزاب الفاشلة ناهيك عن عدم تامين المياه الصالحة للشرب وخدمات المجاري وبناء المدارس والمستشفيات والجسور والطرق والبنى التحتية للمدن وتامين مناطق للطمر الصحي أو لتدوير النفايات حتى أصبحت المدن ومنها العاصمة بغداد مكباً كبيرا للنفايات ومن أقذر عواصم العالم كما انتشرت العشوائيات والحواسم في كل محافظات العراق لتشوه المدن وفوق كل هذا فقد غاب القانون والنظام وجير القضاء وخضع لسلطة الأحزاب المتنفذة وكثرت الجرائم بازدياد الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة وازدادت النزاعات العشائرية وعمليات الاغتيالات والخطف للحصول على الفدية وعمليات القتل والتسليب وعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات وبحماية جهات سياسية متنفذة فانتشرت المخدرات سريعا لتدمر الشباب العراق وأصبح العراق من الدول المستهلكة والمنتجة للمخدرات بعد ان كان العراق خالياً منها , كل ذلك يحدث مقابل عجز شبه تام للأجهزة الأمنية وكل الحكومات عن فعل أي شيء بسبب الفساد والمحاصصة وتقاسم المغانم , وسُيس الدين ووظفته الأحزاب الطائفية لخدمة مصالحها وأهدافها الخبيثة مستغلة سذاجة وجهل العوام فأدخلت ممارسات وأفعال شاذة لا تعود للدين ولا للشعائر بصلة , وبعد كل هذا الفساد والفشل فقد عم الخراب والدمار كل مدن العراق خصوصا محافظات الجنوب والفرات الأوسط بعد ان سيطرت أحزاب السلطة الفاسدة على الحكومات المحلية لهذه المحافظات فسرقت كل الأموال المخصصة للبناء والأعمار وتقاسمتها بينها وبقيت هذه المحافظات تعاني من الإهمال وسوء الخدمات في كل النواحي مع تزايد مطرد في نسب البطالة لعدم توفر فرص العمل ولعم وجود مشاريع حقيقة لحل مشكلة بطالة خريجو الجامعات الذين وجدوا أنفسهم في الشارع بعد سنين طويلة من الدراسة والمعاناة كما أغلقت المصانع وأصبح العراق سوقا للسلع الإيرانية الرديئة وغيرها وأهملت الزراعة وتوقف تقديم الدعم للفلاحين ليستورد العراق حتى الخضروات من دول الجوار أما المحافظات الغربية فقد ادخلوا إليها داعش بعد ان انسحبت قواتهم العسكرية التي صرفوا عليها مئات المليارات من الدولارات تاركة أسلحتها والياتها ومعداتها هدية لداعش في مؤامرة قذرة لتدمير هذه المحافظات وبناها التحتية ولقتل أهلها وتهجرهم فتم تدمير نينوى والانبار وصلاح الدين ومناطق من ديالى تدميراً شبه كامل ثم ليدخل البلد في معارك شرسة مع داعش لتحرير هذه المحافظات من قبضة هذا التنظيم المتطرف قدم العراق خلالها آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى من العسكريين والمدنيين يضاف الى ذلك صرف مئات المليارات من الدولارات لتغطية نفقات الحرب فارتفعت نسب الشهداء والجرحى والأرامل والأيتام الى نسب كبيرة جداً أضيفت الى نسبهم بسبب العمليات الإرهابية والحرب الطائفية وباختصار فقد عمت الفوضى كل مدن العراق بسبب الفساد والسرقات الكبرى وسوء الإدارة وسوء الخدمات وانتهاك حقوق الإنسان والبطالة والأمية والمخدرات والسلاح المنفلت وتزايد أعداد الميليشيات المنفلتة وبسبب هذه الماسي والكوارث التي حلت بالوطن والشعب خرج المواطنون في تظاهرات شعبية عفوية سلمية مطالباً بأبسط حقوقه المسلوبة وبوطنه الذي ضاع ومطالباً وبأبسط الخدمات وتحولت التظاهرات الى انتفاضة كبرى في تشرين الثاني 2019 لكن أحزاب السلطة واجهت الشعب بالرصاص الحي وقنابل الغاز والقناصات ومختلف الأسلحة لتوقع القوات الأمنية وميليشيات أحزاب السلطة خسائر كبيرة في شباب الانتفاضة وقتلت حتى النساء والأطفال والشيوخ وتجاوزت أعداد الشهداء الألف شهيد وعشرات آلاف الجرحى ناهيك عن عمليات الخطف والاغتيالات التي استمرت لتشمل الناشطين في التظاهرات والناشطات والإعلاميين وكل من يعارض أحزاب السلطة الفاشلة والفاسدة , وبعد كل هذا الخراب والدمار الذي ألحقته أحزاب الفشل والفساد والسرقات والقتل وبعد الظلم والجور الذي حل بالعراق وشعبه واعتراف قادة هذه الأحزاب بفشلهم في إدارة الدولة طيلة الثماني عشر سنة الماضية وفشلهم في تأمين ابسط الخدمات وتحقيق ابسط الحقوق لهذا الشعب الذي اكتوى بنيران فسادهم وسرقاتهم وقتلهم وكذبهم وخداعهم وفشلهم وأمسى ضحية للظلم والقتل والأمراض والمخدرات والبطالة وسطوة الميليشيات وغياب القانون وبعد أن عجز الفاشلون والفاسدون عن حفظ امن العراق وسيادته وفرطوا بأرض العراق ومياهه الإقليمية وتنازلوا عن وحقول نفطه وأجزاء من حدوده وحقوقه المنصوص عليها في الاتفاقيات والمواثيق الدولية وباعوها لدول الجوار بثمن بخس , وبعد كل هذا الخراب والدمار الذي تسببت به أحزاب الفشل وقادتها واعتراف هؤلاء القادة بفشلهم في إدارة الدولة طيلة السنين العجاف الماضية وبعظمة لسانهم .عملية سياسيةوعلى الملأ وأمام الفضائيات وقالوا إنهم يجب ان لا يكونوا جزءا من أية عملية سياسية مستقبلا وها هم يتراجعون اليوم عن اعترافاتهم وعن فشلهم وتناسوا فسادهم الذي ازكم أنوف كل العراقيين وسرقاتهم الكبرى لأموال الشعب والدولة ولثروات الوطن وما سببوه من ماسي وكوارث وجرائم قتل وحشية وحرب طائفية وميليشياوية طالت كل العراقيين من مختلف القوميات والطوائف وانتهاكهم الصارخ لحقوق الإنسان وباعتراف منظمات دولية حتى تم تدمير كل شيء في هذا البلد واهم مادمروه روحية ووطنية الإنسان العراقي وتدمير النسيج الاجتماعي للشعب وتدمير الأعراف والقيم الاجتماعية والدينية التي يمتاز بها مجتمعنا ناهيك عن تدمير اقتصاد العراق وصناعته وزراعته ومؤسساته الصحية وتدمير العملية التعليمية وكل البنى التحتية للمدن وها هم اليوم وبعد ن فشل أغلهم في الانتخابات الأخيرة يلهثون بل ويقاتلون للعودة الى السلطة والنفوذ والمناصب عبر ما يسموه حكومة التوافق أي تقاسم المناصب والمغانم من جديد ليعودوا بالعراق الى المربع الأول مربع تقاسم المناصب والمغانم ومربع الفساد والسرقات والمخدرات وسوء الخدمات والقتل والاغتيالات وسطوة الميليشيات في الوقت الذي رفض الشعب وبقوة حكومات التوافق التي جلبت له الدمار والخراب والمآسي والكوارث فرغم الفشل في كل شيء يريد ساسة الفساد العودة لحكم البلاد والعباد ولا أدري بأي وجه يعودون وكيف يواجهون الشعب المظلوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى