مقالات

رمزية‭ ‬الفوز‭ ‬العراقي

د. نزار محمود

كرة‭ ‬القدم،‭ ‬تلك‭ ‬اللعبة‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬عشقها‭ ‬ملايين‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬رمزيتها‭ ‬تحرك‭ ‬المشاعر‭ ‬والعواطف‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬عشاقها‭ ‬ومحبيها،‭ ‬وتترك‭ ‬آثارها‭ ‬في‭ ‬فرح‭ ‬الناس‭ ‬أو‭ ‬الحزن‭ ‬في‭ ‬نتائج‭ ‬لعباتها‭. ‬فكم‭ ‬من‭ ‬دموع‭ ‬سكبت‭ ‬فرحاً‭ ‬عند‭ ‬الفوز،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬دمعات‭ ‬سالت‭ ‬حزناً‭ ‬عند‭ ‬الهزيمة‭!‬

انا‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬ألوف‭ ‬من‭ ‬لعب‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬فرق‭ ‬منتظمة،‭ ‬وأعرف‭ ‬كم‭ ‬هي‭ ‬لعبة‭ ‬ساحرة‭! ‬ما‭ ‬أزال‭ ‬أتذكر‭ ‬هبة‭ ‬المشجعين‭ ‬وهم‭ ‬يتسابقون‭ ‬لاحتضاننا‭ ‬بعد‭ ‬الفوز،‭ ‬وكذلك‭ ‬مواساتهم‭ ‬لنا‭ ‬عند‭ ‬الخسارة‭!‬لقد‭ ‬كان‭ ‬خليجاً‭ ‬عربياً‭ ‬في‭ ‬فرقه‭ ‬وجمهوره‭ ‬وضيافته‭ ‬وكرمه،‭ ‬شاء‭ ‬من‭ ‬شاء،‭ ‬وأبى‭ ‬من‭ ‬أبى‭!‬

وبرمزية‭ ‬الفوز‭ ‬هذه‭ ‬هزموا‭ ‬الهزيمة‭ ‬وأحيوا‭ ‬شيئاً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬كرامة‭ ‬الوطن‭ ‬المستباحة‭. ‬انا‭ ‬اعتقد‭ ‬انهم‭ ‬لن‭ ‬يرضوا‭ ‬بعد‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬يستمروا‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬ذيلاً‭ ‬لتلك‭ ‬الجارة‭ ‬أو‭ ‬قطيعاً‭ ‬لحشد‭ ‬تسوقه‭ ‬جندرمة‭ ‬الوصاية‭. ‬لقد‭ ‬تأكدوا‭ ‬أنهم‭ ‬يستطيعون‭ ‬الانتصار‭ ‬والعيش‭ ‬أحراراً‭

.‬تابعنا‭ ‬اللعبة‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬شعبي‭ ‬عربي‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مصابي‭ ‬ومعوقي‭ ‬ثورة‭ ‬تشرين‭ ‬الشريفة‭ ‬ممن‭ ‬يتلقون‭ ‬العلاج‭ ‬في‭ ‬برلين‭

. ‬لقد‭ ‬هتفوا‭ ‬بلهفة‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬مقاعدهم‭ ‬المتحركة‭. ‬بتنا‭ ‬نحس‭ ‬أن‭ ‬السحر‭ ‬بدأ‭ ‬ينقلب‭ ‬على‭ ‬الساحر‭ ‬في‭ ‬اخناع‭ ‬شعب‭ ‬العراق‭ ‬التواق‭ ‬الى‭ ‬الانعتاق‭ ‬والمتعطش‭ ‬للحرية‭.‬كم‭ ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تبقى‭ ‬هذه‭ ‬الفرحة‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الفورة‭ ‬العاطفية،‭ ‬وأن‭ ‬تطفئها‭ ‬قلادة‭ ‬أو‭ ‬تكريم‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬كلمات‭ ‬معسولة‭ ‬أو‭ ‬قبلات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭.‬هل‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬العراق‭ ‬المتعلمين‭ ‬في‭ ‬بطالة،‭ ‬هل‭ ‬يجوز‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬نهب‭ ‬ثروات‭ ‬الشعب؟‭ ‬وهل‭ ‬نرضى‭ ‬ان‭ ‬نقف‭ ‬مكتوفي‭ ‬الأيدي‭ ‬تجاه‭ ‬خراب‭ ‬اقتصادنا‭ ‬الغائب‭ ‬في‭ ‬إبداعه‭ ‬وصناعته‭ ‬وزراعته؟‭ ‬ماذا‭ ‬ستقول‭ ‬لمن‭ ‬اخترع‭ ‬الدولاب‭ ‬والكتابة‭ ‬ومن‭ ‬سقى‭ ‬الأرض‭ ‬وأقام‭ ‬العمارة‭ ‬من‭ ‬أجداد‭ ‬وادي‭ ‬الرافدين؟‭! ‬

متى‭ ‬ستحاكم‭ ‬ظلامنا‭ ‬شريعة‭ ‬حمورابي،‭ ‬ومتى‭ ‬تنهض‭ ‬بغداد‭ ‬الخلافة‭ ‬لتحاسب‭ ‬من‭ ‬ملأ‭ ‬شوارعها‭ ‬تخلفاً‭ ‬ووساخة‭!! ‬

إن‭ ‬كأس‭ ‬خليج‭ ‬بصرة‭ ‬العراق‭ ‬سيشربنا‭ ‬نخب‭ ‬الصحوة‭ ‬بعد‭ ‬الغفوة‭! ‬مبارك‭ ‬علينا‭ ‬فوز‭ ‬الكرامة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى