مقالات

روح (الإصلاح الحسيني) وشياطين (مفاسد المحاصصة)!!

مازن صاحب

في كل عام لاستذكار أربعينية استشهاد الامام الحسين “عليه السلام” اتوقف عن ذلك التناقض الصارخ بين حب الناس الجارف بمختلف الديانات لفحوى ومضمون قصة الاستشهاد وبذل النفس والعيال من اجل ” كلمة ” تجسد قضية فاصلة في التاريخ الإسلامي، وبين ذلك التوظيف الفج للإسلام السياسي الذي ما زال يتعامل مع تجهيل متعمد لاستلهام القيم الثورية في موقف انتصار الدم على السيف ، ولست بصدد التذكير بوقائع هذا التوظيف واليات جحوشه الالكترونية ولكني اتوقف عند نقطة واحد تتنابز في أجواء الاعلام السياسي، باعتبار ان الحسين عليه السلام ((وطن يجتمع عنده محبيه في مسيرة الأربعين))، في الشكل العام نعم والف نعم ، من غير أبا عبد الله ترنو اليه الافئدة وتستجيب لمسيرته، لا احد قادر على نفي ذلك وفق التطبيق المنطقي الموضوعي لتلك الثورة الحسينية في عاشوراء الطف ،لكن واقع النظام الدولي اليوم لا يتعامل مع نظرات المريد المحب في تطبيقات سيادة الدول، لعل ابسط ما في ذلك إشارة الخبير الاقتصادي الدكتور محمود داغر الى انه ((من الناحية السيادية يصعب قبول قيام دولة اخرى بمنح مبلغ بالدينار عبر نظامها المصرفي دون تنسيق مع الجانب العراقي ولكن ايران تجاوزت ذلك لأكثر من مرة بدعاوى مختلفة مثل ادخالهم الصرافات الالية سابقا)).

هذا يحتاج من رئيس حكومة تصريف الاعمال تقديم شروحات واضحة عن توظيف مثل هذا القول الصحيح في غير محله مع طبيعة وجود شخصيات إيرانية قيادية تشارك في إدارة ملف الزيارة الأربعينية واليات دخول الزوار الإيرانيين والتعامل مع امنهم في الأراضي العراقية، اذا ما كانت تتطابق مع نموذج التعامل الرسمي الإيراني في دخول الزوار العراقيين لزيارة مرقد الامام الرضا عليه السلام، المعروف عندهم بـ ” غريب طوس” !!مثل هذه الحقائق التطبيقية في علاقات الدول السيادية، تحول نموذج إدارة الزيارة الاربعينية الى ما يمكن توصيفه ان عراق اليوم مجرد ” حديقة خلفية لولاية الفقيه ” وان أوامره نافذة على قيادات القوات المسلحة العراقية قبل غيرهم بفاعل محلي يتمثل في الاستخدام السيء لهذه الزيارة السنوية من قبل أحزاب الإسلام السياسي العراقية الموالية لإيران من دون أدنى احترام للدستور العراقي، قد يستغرب سائل عن علاقة الدستور العراقي بأحداث هذه الزيارة؟؟ الجواب عندي ان مقدمة الدستور العراقي قد تناولت موضوع الثورة الحسينية في مضمون واسع ، وكان يتطلب من الحكومات المتعاقبة ما بعد 2005 العمل على تنظيم موسم الزيارة العاشورائية ثم الأربعين بما يتناسب مع تلك الكلمات التي تضمنها الدستور بما نصه :

((نحنُ شعبُ العراق الذي آلى على نفسه بكلِ مكوناته وأطيافه ان يقرر بحريته واختياره الاتحاد بنفسه، وأن يتعظ لغده بأمسه، وأن يسُنَّ من منظومة القيم والمُثُل العليا لرسالات السماء ومن مستجدات علمِ وحضارةِ الانسانِ هذا الدستور الدائم)) فهل تم الاتعاظ بأمس الثورة الحسينية لغد عراق تسن فيه من منظومة القيم والمثل العليا لرسالات السماء ومن هذه المستجدات دولة عراقية حضارية ؟؟ولعل ابسط مثال على ذلك ان مراجعة بسيطة لموازنة الوقف الشيعي خلال عشرة أعوام لم تسطع ان تستوعب مظاهر الجموع البشرية التي تحضر مراسم هذه الزيارة، كما لم تستطع الجهات الأمنية والخدمية إيجاد نموذجها التطبيقي كما تفعل مؤسسة الحج والعمرة السعودية على سبيل المثال في تنظيم مواسم الحج زوار الرحمن لبيت الله في مكة ومسجد رسوله( صلى الله عليه واله) في المدنية المنورة، فما حدا مما بدا، هل كتب النص ففقط للتبرك بتلك المثل العليا لرسالات السماء ام إيجاد منظومة إدارية -خدمية – امنية تواكب تلك المثل العليا في افضل نموذج عراقي لها يتجسد في موسم الزيارة الأربعينية كل عام ؟؟ما بين هذا وذاك ، يبقى القول الاصح ، ان أحزاب الإسلام السياسي المتصدية للحكم بعنوان ثورة الإصلاح الحسينية، وديمومة تطبيق الشعائر الحسينية كل عام ، لم تأخذ من كل مضمون ثورة أبا عبد الله الحسين “عليه السلام” غير القشور فقط وربما أسوأ من ذلك في التوظيف السلبي ضد انتاج ثورة ثقافية معرفية مجتمعية رافضة لطاغوت الجهل والتخلف الحضاري، مسترجعة فقط تطبيقات الاحتلال الصفوي المنافس للاحتلال العثماني للعراق في قرون مضت، وكأن أحزاب التكليف الشرعي بمفهومي البيعة والتقليد لم تغادر نموذج ذلك التنافس وبات تفسير النص الدستوري مجرد كلمات خاوية بلا تطبيق، فيما حال عراق اليوم يناشد ضمائر المجتمع العراقي الخروج من نظام مفاسد المحاصصة ، لكن ما يطرح في بعض القصائد خلال مواكب العزاء الأربعينية نموذج على ذلك فهل يتغط شياطين الفساد بروح الفداء للإصلاح التي جاء بها الحسين” عليه السلام ” في ذكرى الأربعين ؟؟ سؤال بلا إجابة …. ما دامت شياطين مفاسد المحاصصة أكثر طغيانا من روح الإصلاح الحسينية فانتهى حال العراق الى كل يوم فيه ((طف سياسية)) تهدر دماء العراقيين من اجل مكاسب دنيوية مدنسة بعناوين دينية مقدسة.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى