مقالات

شح المياه في العراق وغياب المبادرات

شح المياه في العراق وغياب المبادرات – جمعة الدراجي

المساعي التي كشفت عنها وزارة الزراعة لزيادة الخطة وتوسعتها بإستلام محصول الحنطة من المزارعين مع زيادة بالأسعار جائت متأخرة ، إذ كان من المفترض حصول زيادة الرقعة الزراعية المزروعة فعلا بهذا المنتج الأسيتراتيجي منذ بدء عمليات الأستزراع لموسم 2022 ? بتوفير الحصة المائية من وزارة الموارد المائية التي أعلنت قبل بدء الموسم بان لديها خزين مائي يقدر 42 مليار م3 وكذلك أعلنت انها استلمت واردات مائية تقدر 28 مليار م3 ومع اعلان الوزارة مؤخرا المتبقي يقدر 20 مليار م3 للموسم المقبل ، وهذا يعني بان العراق استهلك اكثر من 48 مليار م3 وهذه كمية لا يستهان بها كان من الممكن استخدامها على الوجه الأمثل بأدارة رشيدة للأنتاج افضل ، ومع التصريح الذي ادلى به مدير عام الحبوب والسايلوات في وزارة التجارة يوم 30/ 5/ 2022 من قناة العراقية بان العراق لديه عجز لمادة الطحين لا تكفي الا عدة اشهر وحددها الى الشهر العاشر وسيذهب العراق لأستيراد القمح من الأسواق العالمية ما مقداره اكثر من 2 مليون طن لسد حاجة مفرادة البطاقة التموينة من مادة الطحين التي تقسم على وجبات بمقدار 480 الف طن للوجبة الواحدة وبمعدل عشرة وجبات للسنة الواحدة ، في حين ان العراق كان لديه الأكتفاء الذاتي من محصول الحنطة للمواسم الثلاثة الماضية ، فان هذه المعطيات تبين مدى هشاشة إدارة هذه الوزارات (الزراعة ، الموارد المائية ، التجارة ).تأخير مستحقاتيضاف لها وزارة المالية بتأخير مستحقات المسوقين للحنطة وما يرافقها من التسبب بالفاقة والعوز للمزارعين وتفاقم المديونية مسببة بتراجع الإنتاج وكذلك وزارة الكهرباء التي تتعامل بالقطع المبرمج عن المغذيات الزراعية التي يتم تشديدها أيام التشغيل المسموح به من جدول المراشنة المعد من قبل وزارة الموارد المائية. أن الخطة المعلنة للاستزراع 50 بالمئة عن الموسم الماضي ، في حين الموسم الماضي 2021 كانت الخطة المعلنة 70 بالمئة وهذا يعني ان النسبة الفعلية تصبح 35 بالمئة في محاولة للاستغفال والالتفاف على طبقة الفلاحين والمزارعين وان نظام المراشة نسبة 3/ 4 يعني الاطفاء المتحقق أربعة أيام وقد ضاعفت وزارة الموارد المائية المراشة أربعة أيام أخرى ثلاثة مرات في الموسم وقد امتدت احدى حالات التمديد الى اكثر من 12 يوم إطفاء كامل او ما يطلق عليه بالمخاطبات (بالتحجير ) لجميع المضخات وقطع المغذيات الكهربايئة حتى المنزلية المتداخلة مع الزراعي . ولم يعلن عند بدء الرية الاولى التي اعتادت الوزارة للاعلان عنها عند شهر كانون الاول من كل عام وكذلك لم تعلن عن رية الفطام عند شهر نيسان مع التشديد باستنفار لجميع الطواقم الفنية وحتى الادراية ومعاقبة الموظفين وتعميمها للتشهير بهم خارج السياقات الإدارية من خلال برامج التواصل الاجتماعي والكروبات وهذا ما حدث لاحد الموظفين في قضاء الصويرة الذي غفل عن مراقبة احد الفلاحين بتشغيل مضخة صغيرة التصريف على عمود دجلة . ان الموسم الزراعي الماضي فوضوي بامتياز في ظل غياب قوانين ضابطة لادارة الموارد المائية ، بينما الخبراء والمستشارين ومتخذي القرار في وزارة الموارد المائية ابتعدوا كثير عن الواقع الاجتماعي العراقي ولم يدركوا بان هذه المساحة الزمنية الحرجة التي يتقاسم الفلاحين فيها الوقت والكمية لارواء مزروعاتهم ضمن توقيتات دقيقة للحسابات الموسمية مما تسبب بأحداث الفوضى بين الأوساط الفلاحية والعوائل بتكرار الرشن ومضاعفتة وحدثت العديد من النزاعات الدامية حول المصدر المائي المشترك ، و شهدت المحاكم العديد من هذه القضايا التي تسببت بتهديد السلم المحلي في الوقت الذي تعلن الوزارة بان مياه الشرب مؤمنة وقد استقبل هذا التصريح بمزيج من التهكم وحالة اليأس والشروع بالهجرة خاصة للقرى الواقع في ذنائب المصادر المائية . ودون اية مبادرة تعالج الواقع الزرعي الحرج في البلاد .كابينة وزارية يبدو ان هذه الكابينة الوزارية متساوية في الأدارة الهشة لمواجهة الأزمات ولم تنضج أية مبادرة من شأنها التقدم خطوة تجاه الحلول فمثلا وزارة الصناعة والمعادن لم تبادر بأنتاج الأسمدة وإصلاح المعامل الذي كان العراق يصدر منها الى الخارج وتضاعفت الأسعار على المزارعين مما أدى الى تراجع الإنتاج مع تقليص الحصص من قبل وزراة الزراعة ، وكذلك وزارة الخارجية التي اكتفت بسياسة التكيف Adaptation Policy ودبلماسية المياه المتخذة مع دول المنبع بشأن الحصص العراق المائية دون التوجه الى المحاكم الدولية او الرجوع الى المجتمع الدولي لمارسة الضغط على الجارتين تركيا وايران بتجاوزهما على حصة العراق من الاطلاقات المائية المتفق عليها وفق القوانين والبروتكولات والمعاهدات الدولية ، بل مارست الحكومة العراقية سياسة التكيف الداخلية بالضغط على مستخدمي المياه من المزارعين بتقليص الخطط الزراعية بالمراشنة ورفع المضخات وفق سياقات ارتجالية دون سابق انذار . ومع الظروف المناخية للاحتباس الحراري وتنبؤات الأرصاد والأبحاث المتخصصة التي تنذر بندرة الأجواء الرطبة في حدود المستقبل للسنوات المقبلة حتى على دول المنبع التي أحاطت الحدود العراقية بحواجز كونكريتية من السدود العملاقة ذات الطاقات الخزنية عالية التصاريف والتي لم ينز منها الا النزر اليسير او ( الحصة المعقولة) حسب تعبير المذكرة التركية التي ابلغتها وزارة الخارجة التريكة الى العراق العام الماضي وان دول المنبع ما تزال ترفض تقاسم الضرر . ان العراق في ظل هذه المتغيرات الجوسياسية يحتاج الى مبادرة وطنية شاملة تأحذ بالحسبان كافة هذه التداعيات ومعالجتها وفق رؤية علمية رصينة واستقطاب الطاقات العراقية الوطنية المبدعة وتوافق سياسي محلي مع حكومة الأقليم للتعاون والتوافق المائي بشأن اكمال السدود المعطلة من قبل الإقليم مثل سد بخمة والتدخل بتعطيل السدود الصغيرة المزمع تنفيذها لخدمة أراضي محدودة في حدود الإقليم بل العمل على التوافق السياسي بالتوجه الى حصاد المياه المحلية لسد جزء من الحاجة المحلية لأدامة جزء من النظام الهايدروليكي بالعراق ، وكذلك التوجة الى المحاكم الدولية مثل محكمة العدل الدولية في لاهاي والاستعانة بالمنظمات الدولية مثل منظمة الهجرة الدولية ومنظمة الفاو للأغذية ومنظمة حقوق الانسان باعتبار ان الماء مورد طبيعي والحصول عليه حق عام لا يمكن التحكم به والحرمان منه لأي سبب كان .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى