السياسية

صالح: الارهاب لم يعد وسيلة قتل بل تشويه للافكار والقيم

أكد رئيس الجمهورية برهم صالح، الاربعاء، على أن التكفير والتشدد يعمل على تشويه الإسلام، وان تنظيمات القاعدة وداعش وغيرها، قتلت المسلمين وغير المسلمين، وهناك مسؤولية تضامنية في مواجهة الفكر الإرهابي التكفيري.


واكد صالح في كلمة بمناسبة المولد النبوي الشريف، أن”البلد يواجه اليوم مرحلة مهمة في بناء الدولة، تلتقي فيها الإرادة الشعبية من أجل الإصلاح وتقويم المسارات، لافتاً الى أن تصحيح هذه المسارات لن يتم من دون مكافحة الفساد بمختلف أشكاله، المالي والإداري والسياسي، مشيراً إلى أن الفساد والإرهاب متلازمان ومترابطان، وأن الفساد هو الوجه الآخر للإرهاب.”.


ودعا رئيس الجمهورية الى”تهيئة كل مستلزمات النجاح لإجراء انتخابات مبكرة عادلة ونزيهة تساعد على تحقيق إصلاح نظام الدولة ومؤسساتها والتخلص من الفساد، باعتبارها قواعد أساسية للقضاء على الإرهاب والعنف، وهذا يتطلب عقداً سياسياً جديداً يؤسس لحكم رشيد لا يسمح باستمرارِ كبوات الوضع الحالي”.

واضاف، أن”تصحيح المسارات مرتبط ايضاً بشكل وثيق مع تعزيزِ هيبة الدولة وسيادتها وتكريس قوة القانون. منوّهاً الى أن ما حصلَ خلال الأيام القليلة الماضية من جرائم قتل وترويعٍ في الفرحاتية وخانقين وكركوك يؤكد أن الإرهاب والعنف ما زالا يشكلانِ تهديداً للأمن والسلم المجتمعي في العراق”.

وفي ما يلي نص الكلمة:
“بسم الله الرحمن الرحيم
“وما أرسلناكَ إلا رحمةً للعالمين”
صدق الله العظيم
في مثلِ هذه الأيامِ المباركة يحتفلُ المسلمونَ في العراقِ والعالمِ، بذكرى المولدِ النبوي الشريف، مولدِ نبيِّ الرحمةِ.


إذ يستلهمُ المسلمونَ من هذهِ الذكرى العطرة في كل عام، تلك القيمِ النبيلةِ والسجايا الكريمة التي جاء بها الإسلامُ، وجسّدَها النبيُّ المصطفى قولاً وفعلاً وسلوكاً.


لنستلهم القيم النبيلة التي جاء بها الإسلام وجسّدها النبي المصطفى قولا وفعلا وسلوكا من اجل السلام والمحبة والتآخي ما بين البشر.


وفي هذه الظروفِ التي يمر بها العالمُ الإسلامي، حيثُ يعمل التطرفُ والتكفيرُ والتشدد، بتفكير وسلوكٍ شاذٍ منحرفٍ عن القيمِ النبيلة، ويشوّهُ الرسالةَ الاسلامية السامية التي جاء بها دينُنا الحنيف، فإن حاجتنَا تشتدُّ أكثر للاقتداءِ بالسيرةِ العظيمة للنبيِّ الأمين، وبالفكرِ والسلوكِ النبويِّ الخلاق، إنها سيرةٌ وفكرٌ من أجل السلامِ والمحبةِ والتسامح والتآخي ما بين البشر.


لقد حاول المتطرفونَ جعل أنفسهم أوصياءَ على الناس والدين، فيما الدينُ براءٌ منهم ومما يفعلون، اذ ليس هناك ايُ صلةٍ للتطرفِ والتشددِ، بالطبيعة السمحاء للإسلام والمسلمين.


ان عصاباتِ القاعدةِ وداعش ومختلفِ المسميات الإرهابيةِ التكفيريةِ والمتشددة، قتلت واستهدفتِ المسلمين والمسيحيين والايزيديين والصابئة على حد سواء. بل إن ضحايا المسلمينَ في هذه الجرائمِ الوحشية أضعافُ ما طال أبناءَ الدياناتِ الأخرى، وبما يؤكدُ أن هؤلاءِ القتلةَ لا دينَ لهم.


مسؤوليتُنا كمسلمينَ في مواجهةِ الفكر الإرهابيِّ التكفيري وسلوكِه الدمويِّ الشاذ، يُوجبُ علينا إبرازَ القيمِ النبيلةِ السمحاءِ التي جاء بها الإسلامُ وجسّدها الرسولُ المصطفى، الذي وصفه اللهُ تعالى في كتابِه العزيز بالقول:” وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم”.


الخُلُقُ العظيم هو ما يجسدهُ الحديثُ النبوي الشريف:” لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيهِ ما يحبُّ لنفسِه”. وهذا خُلقٌ إنسانيٌ لا يدركه الإرهابُ ولا الفكر التكفيريُ المنحرف.


في هذه العقودِ باتَ الإرهابُ، بمختلفِ نسخِه، هو الخطرُ المباشرُ الذي يعمدُ إلى تشويهِ قيمِ الدين ورسالتِه كما جاء بها الرسول، بل انه يستهدف المنظومةَ الإسلامية اكثر من غيرها.


الإرهاب لم يعد مجردَ وسيلةٍ لقتلِ المسلمين وغير المسلمين فقط، الإرهاب بطبيعتِه الأخطر هو تشويهٌ لفكرِ وقيم ورسالةِ الدين، فالإرهابُ إرادةٌ مستبدة تريد تكريسَ صورةٍ سوداءَ مشوهةٍ لتلك الأخلاقِ الرفيعة التي تحلّى بها الرسولُ والصفوةُ الخيرة من الآل والصحابة والمسلمين.


إنها أخلاقُ العدلِ والتآخي وكرامةِ الإنسان وقيمةِ الحياة.
“مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”.. هذا هو منطقُ كرامةِ الإنسان كما جاء في القرآنِ الكريم.
هذا هو منطقُ احترامِ الحياة.
ما أحوجَنا اليومَ لهذا القولِ الفصل.
ما أحوجَنا لأن نتمثلَ بأخلاقِ العدلِ والإنصافِ والمحبة التي لا تستقيمُ الحياةُ من دونِها على هذه الأرض.


يصادف الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في هذا العام، والعالمُ يواجه جائحةَ كورونا، والتي تتطلبُ تعاونا أممياً وإنسانياً لمواجهة هذا الوباء ومخاطره على مستويات متعددة في الصحة والاقتصاد.


فالعالم بأمسّ الحاجة الى المزيد من التوعية والالتزام بوصايا وشروط الصحة والسلامة لتأمين الوقاية المطلوبة.


فالقيم النبيلة والسمحاء تدعو الى التعاون وتضافر الجهود عند اشتداد الازمات والمحن، “فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”.. هذا ما أوصانا به نبي الرحمة والإنسانية.


نحتفل هذه الأيام بهذه الذكرى العطرة، ونحن في العراق نواجهُ واحدة من أهم مراحل بناءِ الدولة كما نتمناها دولةً للعدل والحرية والكرامة. في هذه المرحلة تلتقي الإرادةُ الشعبية من أجل الإصلاح وتقويم المسارات، وتمتزج بتطلعاتِنا في الدولةِ العراقية وحكومتِها للمضيِّ قُدماً بالإصلاح.


قد يبدو هذا مساراً صعباً ومعقداً لكنه ما زال ممكناً وما زال المضيُّ والسعي فيه من أجل مواصلتِه، واجباً ومسؤولية وطنية وأخلاقية.


لا خيارَ لنا جميعاً، مواطنين وقياداتٍ بمختلفِ المستويات، سوى أن نتقدمَ إلى الامام، وان ننتهي الى إصلاح بنيويٍ يضع الدولةَ ومؤسساتِها والمجتمعَ في حال يليقُ ببلدٍ مثل العراقِ، ويستحق بموجبِه أن يكونَ في المقدمة، ويستحقَ الشعبُ فيه حياةَ حرة كريمة.


هذا ما يتطلب منا جميعاً تضافرَ الجهود وحسنَ النوايا والعملَ المخلص من أجل تصحيحِ المسارات أولاً والبناء ثانياً.


اذ لا يمكن تصحيحُ المسارات من دون مكافحة الفساد، بمختلف أشكاله، المالي والإداري والسياسي، فالفاسدون و الإرهاب متلازمان ومترابطان، والفساد هو الوجه الآخر للإرهاب.


لا يمكن أيضا تصحيحُ المساراتِ، من دون تعزيزِ هيبة الدولة وسيادتها وتكريس قوة القانون.


لا يمكن تصحيح المساراتِ من دون خَلقِ بيئةٍ مناسبة، لإصلاح بنية الاقتصاد الوطني وتهيئة فرص الاستثمار وإعادة بناء الصناعة وتطوير الزراعةَ، بما يضمن اقتصاداً متيناً للدولةِ وفرصاً للعمل لشبابنا العاطل وحياةً حرة كريمةً للمواطنين.


كلُّ هذا وسواه الكثير ممكن، لكن بتضافرِ الجهود وبإخلاصِ النوايا وبوضعِ العراق ومستقبل العراقيين نصب أعينِنا وضمائرِنا.


هذا هو الطريقُ الصحيحُ الذي يمكن أن يمضي فيه الحوارُ الوطني نحو آفاقٍ رحبةٍ للحلول.


هذا يتطلبُ عقداً سياسيا جديداً لا يسمح باستمرارِ كبواتِ الوضعِ الحاليِ وعثراتهِ وذلك من خلال التأسيس لحكمٍ رشيد.


إصلاحُ نظامِ الدولةِ ومؤسساتِها وادارتها والتخلصُ من الفسادِ، قواعدُ أساسيةً للقضاءِ على الإرهابِ والعنف.


فما حصلَ خلال الأيامِ القليلةِ الماضية من جرائمِ قتلٍ وترويعٍ في الفرحاتية وخانقين وكركوك يؤكدُ أنَ الإرهابَ والعنفَ ما زالا يشكلانِ تهديداً للامنِ والسلمِ المجتمعي في العراق.


يقيناً من الضروري مواجهة هذه التهديداتِ من خلال المضي قُدُماً في الإصلاح و ايضاً تعزيزِ القدراتِ الامنية والقتالية و الاستخباريتية لقواتِنا المسلحة.


فالتاريخُ لن يرحمَ من يتقاعس عن هذا عامداً أو غيرَ عامد.. التاريخُ يحفظُ للبُناة شرفَ مواقفِهم، شرفَ إخلاصِهم للمسؤولية، شرفَ الشعور بالواجب إزاءَ بلدٍ يستحقُّ منا الكثيرَ وإزاء شعبٍ صبرَ على جوعِه صبْرَ الحليم.


إننا نمرُّ بظرفٍ عصيبٍ، مالياً وصحياً وسياسياً، لكن الأممَ تكونُ عظيمةً كلما جعلت من التحدياتِ فرصاً للوثوبِ، ولابتكارِ الحلول والتقدمِ إلى الامام.

لنمضِ إلى الامام.. ولننهض من كبوات المراحلِ السابقةِ دون الرجوعِ الى الوراءِ او الالتفات لها.. فالمُلتفتُ لا يصل .. وعلينا اكمال المسير.


لنهيئ كلَّ مستلزماتِ النجاح في اجراء انتخاباتٍ مبكرةٍ عادلةٍ ونزيهة تساعدُ على تحقيق الإصلاح المنشود.


يستحق بلدُنا وشعبُنا ذلك، بل أن مسؤوليتَنا الأساسيةَ هي في أن نستعيدَ عظمةَ العراقيين البُناةِ والمفكرين والعلماءِ والشعراء.


نحن نُحيي هذه الأيام ذكرى المولدِ النبوي الشريف وما أحوجَنا لنستلهمَ قيمَ صاحبِ الذكرى، فلتكن لنا في رسولِ الله أُسوةٌ حَسَنة كما يعلمنا القرآن ذلك، فقد بنى الرسول دولةً وأحيا أمةً وانتقل بها من الظلماتِ إلى النور، وخلق مثالاً في سمو الأخلاقِ وعظمة الإرادة.


فلنحيي هذه الذكرى في نفوسنا بحب الآخرين، وفي قلوبنا بإصلاحها ، والتصالح مع الآخرين، وفي عقولنا بالإبداعِ في خدمةِ شعبنا والإنسانية جمعاء ،وفي أفعالنا بالخلق العظيم : إنما الامم أخلاقٌ.


المجدُ لهذه الذكرى العظيمة، ذكرى مولدِ نبي الرحمة ورسول الإنسانية..
ليحفظ اللهُ العراقيين والإنسانيةَ لما فيه الخيرُ والعدل والسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى