مقالات

صحة الجيب..صحة العقل

د. فاتح عبدالسلام

الاغلاق التام في زمن الجائحة القاتم، ليست اثاره اقتصادية فحسب، كما نشهد تأثيرها على طبيعة معيشة الفرد، لاسيما أولئك الذين يعملون خارج الاطار الوظيفي ويكسبون رزقهم بشكل يومي. ثمة آثار نفسية كثيرة وثقيلة تتراكم مع الزمن الطويل للاغلاق. لابدّ من التفكير بمسارات تغيير نمط حركة الانسان في ظل هذا الواقع المقيد. كثير من الناس لا يعرف شيئاً عن الرياضة داخل البيت ، لكن بيوت الناس في بلدنا المحطم ليست قصوراً تحيطها الحدائق الغنّاء، وبالكاد فيها ممرات لحركة افراد العائلة أو العائلتين داخل المنزل الواحد، وربّما كان المنزل في بناء عشوائي أو متجاوز من مخلفات الحرب التي اجتاحت العراق قبل ثماني عشرة سنة واثارها لا تزال ماثلة.رياضة الفكر باتت لها اهمية كبيرة للخروج من أسر الاجواء الكئيبة، وهنا لابدّ أن تتحرك جمعيات مدنية للتوعية في كيفية تجاوز الاثار النفسية. هناك مَن يقول انّ القنوات التلفزيونية هي الترفيه الوحيد للعائلة، وقد يكون ذلك صحيحاً في بعض الاوجه، لكن هناك آثار سلبية أخرى في الوقوع تحت ضغط موجهات اعلامية مركّزة. لكن هل فكرت جمعية تُعنى بلعبة الشطرنج ان تفتح افاقاً جديدة لها في الاوساط الاجتماعية في زمن الضيق والاغلاق .في كتاب “صناعة السعادة” الذي صدر قبل ست سنوات، يقول مؤلفه الكاتب الانكليزي ويليام ديفيز، أنّ منظمة الصحة العالمية كانت قد تنبأت منذ العام الاول من القرن الواحد والعشرين بأنه مع حلول العام ٢٠٢٠ سيكون أكثر من ثلث البالغين في الدول الاوروبية والولايات المتحدة يعانون من مشاكل في صحتهم العقلية، وانَّ التكاليف التي تفرضها تلك المشاكل هائلة على الاقتصاد. كانت تلك التوقعات قبل ان يظهر في الافق احتمال واضح لحدوث نكبة صحية عالمية كتلك التي تجتاح البلدان اليوم بانتشار فيروس كورونا. ياترى ماذا سيكون حصاد الدراسات الطبية اليوم للاثار النفسية لأجواء الاغلاق؟ وكيف سيتحرك العالم في ايجاد بدائل لوسائل الترفيه العادية، بعد اكثر من سنة تعيسة مثقلة بالهموم . هذا مع الدول المتقدمة والغنية، لكن كيف سيكون الحال مع بلد متعب مشتت، لا أحد يرى نوراً في نهاية نفقه المظلم حتى اليوم، بالرغم من وجود الامل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى