مقالات

طارق حرب .. يحاول لوي عنق الدستور ؟؟

بقلم /أياد السماوي

تصريح غريب لخبير القانون طارق حرب يقول فيه أنّ الدستور العراقي قرّر عدم خضوع البنك المركزي لرقابة البرلمان , وقرّر كذلك عدم ارتباط البنك المركزي بالبرلمان كذلك أيضا , مما يقتضي مراعاته بشأن سعر الصرف الذي حدّده البنك في قانون الموازنة العامة ..ويستطرد خبير القانون في شرحه لهذا التصريح غير الدقيق والمشبوه بقوله (أنّ البنك المركزي هو الهيئة المستقلّة الوحيدة من بين الهيئات المستقلّة التي منحها الدستور امتيازات تفوق امتيازات الهيئات المستقلّة الأخرى التي أوردها الدستور في الفصل الخاص بالهيئات المستقلّة , أي المواد 102 , 103 من الدستور , فالدستور لم يجعل ارتباط البنك المركزي بمجلس النواب , في حين جعل ارتباط ديوان الرقابة المالية وهيئة الإعلام والاتصالات بمجلس النواب , وجعل الدستور ارتباط دواوين الأوقاف بمجلس الوزراء , كذلك فإنّ الدستور لم يجعل البنك المركزي خاضعا لرقابة مجلس النواب كما فعل مع مفوضية حقوق الإنسان والمفوضية العليا المستقلّة للانتخابات التي قرر الدستور خضوعها لرقابة مجلس النواب , وهكذا فإنّ الدستور بالمواد 102 و 103 لم يجعل البنك المركزي مرتبطا بمجلس النواب ولم يجعل البنك المركزي خاضعا لرقابة مجلس النواب , وقد تأكدّت استقلالية البنك المركزي بالقانون رقم 76 لسنة 2004 الذي أصدره (برايمر) أثناء فترة حكمه والذي لا زال نافذا ..وهذه الاحكام الدستورية والقانونية لها موقعها عند مناقشة سعر صرف الدولار في موازنة 2021 الذي يناقش في مجلس النواب حاليا.. إنتهى تصريح خبير الحكومات المتعاقبة للقانون بدعوته مجلس النواب إلى الأخذ برأي الحكومة عند مناقشة سعر صرف الدولار ..ملخص تصريح خبير القانون طارق حرب .. هو أنّه ليس من صلاحيات مجلس النواب العراقي تغيير سعر صرف الدولار الذي حدّده البنك المركزي في قانون الموازنة العامة لسنة 2021 , والسبب في ذلك هو أنّ الدستور العراقي لم يخضع البنك المركزي لرقابته , وبالتالي فهذا السعر هو من اختصاص وصلاحيات البنك المركزي حصرا , ولا حق لمجلس النواب بتغييره.. يأتي هذا التصريح المريب بعد يوم واحد فقط من تصريح الناطق بإسم الحكومة (حسن ناظم) بأنّ تغيير مجلس النواب لسعر صرف الدولار غير ملزما للحكومة.. وهذا يعني أنّ هنالك توّجه حكومي لترسيخ فكرة أنّ سعر صرف العملات الأجنبية هو من الاختصاصات الحصرية للبنك المركزي ولا حق لأي جهة التدّخل في هذا الشأن حتى لو كان مجلس النواب العراقي.. وأنا أياد السماوي أقول لهم جميعا.. يا حلاوة على الحكومة وناطقها وخبيرها.. في هذا المقال سأترك الحكومة وناطقها ليقولوا ما يقولوا , وأتوّجه لخبير القانون الذي لم يتفوّه يوما برأي قانوني يثبت للناس من خلاله أنّه خبيرا محايدا وليس من وعّاظ السلاطين الذين يفتون للحاكم ما يرغب ويبررون له تصرفاته حتى لو كانت هذه التصرفات مخالفة للقانون والشرع وقواعد الأخلاق ..وبدورنا نضع أمام خبير القانون طارق حرب الذي جندّ نفسه بشكل مستمر لإرضاء الحكّام والتزّلف لهم , الحقائق الدستورية التالية ..أولا .. أنّ الاستقلال المالي والإداري لكل من البنك وديوان الرقابة المالية وهيئة الإعلام والاتصالات ودواوين الأوقاف , الذي جاء في المادة 103 / أولا من الدستور العراقي , لا يعني أبدا عدم الخضوع للمسائلة والرقابة على أداء هذه الهيئات من قبل مجلس النواب , والدليل على ذلك أنّ كلّ هذه الهيئات خضعت لمسائلة مجلس النواب في الدورات السابقة والبعض من رؤساء هذه الهيئات اقيلوا من مناصبهم كما حدث مع رئيس هيئة الإعلام والاتصالات علي الخويلدي مؤخرا ..ثانيا .. أنّ نص المادة 103 / ثانيا (يكون البنك المركزي مسؤولا أمام مجلس النواب) , قد جاء مطلقا وليس مقيّدا , أي بمعنى أنّ البنك المركزي مسؤولا أمام مجلس النواب في كلّ شيء حتى عن سياساته النقدية التي ينتهجها , والبنك المركزي هو الهيئة المستقلّة الوحيدة الخاضعة للمسائلة المطلقة .. فكما نحن البشر مسؤولين أمام الله تعالى عن كلّ تصرفاتنا ومحاسبين عليها , كذلك أراد الدستور العراقي تجسيد هذا المعنى بالنسبة للبنك المركزي العراقي ..ثالثا .. السياسة النقدية والمالية هما وجها السياسة الاقتصادية للبلد , وهذه السياسة هي جزء من السياسة العامة للسلطة التنفيذية الخاضعة لرقابة مجلس النواب العراقي كما جاء في نص المادة 61 / ثانيا من الدستور ..رابعا .. إذا كان البنك المركزي غير خاضع لرقابة ومسائلة مجلس النواب العراقي , فمن هي الجهة التي تراقب عمل البنك؟ خصوصا حين يقوم البنك باتخاذ إجراءات تتعلق بحياة الشعب العراقي؟ ولمصلحة من نطلق هذه الأراء التي تهدف إلى لوي عنق مواد الدستور بهذا الشكل المريب يا طارق حرب؟ ولماذا هذا التضليل والخداع المتعمّد؟ أليس الواجب الشرعي والأخلاقي أن تقف مع معاناة شعبك وهمومه؟ وهل تنكر أنّ رفع سعر صرف الدولار قد تسبب بارتفاع كبير لأسعار كلّ السلع والخدمات؟ فلماذا إذن تجند نفسك لخدمة الحكّام الفاسدين؟ وهل سيأتي يوما تتوب فيه إلى الله من خدمة هؤلاء الحكّام وتقف مع هموم أبناء شعبك؟ ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى