مقالات

عذرا أيوب .. نحن أكثر منك صبراً

بشير أبو العباس

عندما تقرأ المشهد السياسي اليوم ترى أن هناك تحركات حثيثة من قبل بعض الاطراف السياسية لإزاحة مصطفى الكاظمي عن دفة الحكم، حسنا لمصلحة من إزاحته؟

لا أعلم لماذا بين حين وآخر يتبادر إلى ذهني تصريحات النائب المستقل الصريح جدا عزت الشابندر عندما قال إن السياسيين في العراق هم عبارة عن مجموعة يبعثون على القرف والغثيان ( لعبان النفس) ويخططون لسرقة ما تبقى من الثروات، وهذا إن بقيت ثروات تستحق الذكر لأن العراق اليوم بات مديوناً.عندما يقول سياسي بحجم الشابندر هذا الكلام فما هو الداعي لوجود عملية سياسية ودولة ومناصب ومليارات الدولارات تنفق وتسرق وتتبعثر، علما أن تلك المليارات كانت تكفي لتعيش ثلاثة أرباع اوروبا بنعيم على مدى 100 عام!. ..

وعندما يقول إن على العراقيين أن لا يفكروا بمسألة بقاء رئيس الوزراء بمنصبه من عدمه، وأنما عليهم التفكير في إن كان سيبقى عراقا أم لا)، فهو، كلام معقول جدا.اليوم تمر الذكرى الأولى لثورة تشرين .. هذه الثورة الشعبية واسعة تمددت يوماً تلو آخر من بغداد إلى المحافظات باستثناء إقليم كردستان والمحافظات السنية، وقد يستغرب البعض تأخر انضمام المحافظات السنية (الأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى) إلى المحافظات المنتفضة، مع أنها تعاني منذ 2003 من نقص الخدمات أيضا، فضلا عن إذلال النازحين منها ومغيبين لا يُعرف مصيرهم، ولسان حال سياسييها يقول ( تهمتنا جاهزة اذا شاركنا).ويبدو المشهد العراقي في مظاهرات هذه الأيام مختلفاً عن مظاهرات عام 2011، فقد تلاشى التمييز الطائفي في الاحتجاجات الأخيرة بعد أن وحدت بين سكان العراق المعاناة الطويلة القاسية، لكن المثير في ثورة شباب العراق أن الشيعة الذي تزعم الطبقة السياسية أنها تمثلهم هم الأعلى صوتاً والأكثر احتجاجاً على الفساد والبطالة وسوء الخدمات والتدخلات الخارجية.القاصي والداني يعلم أن مصلحة العراقيين تكمن في قيام عراق ديمقراطي مستقر ومزدهر وللعرب أيضاً مصلحة في عراق من هذا النوع، لكن أي قراءة هادئة لمجريات ما بعد 2003 تدفع إلى القلق، وتطرح سؤالاً مهماً هو هل ضاع العراق، أم لا تزال هناك فرصة في ظل شباب متحمس لتغيير الواقع المؤلم؟.وإذا تكلمنا عن الواقع فالكثير يرون أن مشكلة السلاح خارج القانون من جهة، والبطالة والفقر من جهة اخرى حيث أنها من بين أعقد المشاكل التي تواجه حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، خاصة في ظل الظروف المالية القاهرة التي تواجهها حكومته، ويعتقدون أن حل هذه المشكلة بحاجة إلى سنوات طويلة من التخطيط والعمل الجاد ودعم فرص الاستثمار الحقيقية في البلاد وعدم الاعتماد على عوائد النفط المالية كمصدر وحيد للدخل الوطني، في ظل القلق الذي يعيشه الموظفون والمتقاعدون في كل شهر على مرتباتهم ومعيشتهم.العراقيون نفذ صبرهم فمنهم من ترك البلاد مهاجرا مخاطرا ولا يعلم أين سيكون مصيره ومنهم من هو مرتبط بأسرة ووظيفة أو عمل لا يستطيع تركها، ومنهم من هو مستفيد وهم قلة قليلة، فعذرا يا نبي الله أيوب نحن العراقيون أكثر منك صبرا لأننا مذ ولدنا ونحن في بطن الحوت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى