مقالات

فئة تخون الأمانة إذا ترشحت

د. فاتح عبدالسلام

يستغرب‭ ‬أي‭ ‬مراقب‭ ‬هذا‭ ‬التهافت‭ ‬لشخصيات‭ ‬علمية‭ ‬تقود‭ ‬إدارات‭ ‬جامعات‭ ‬وكليات‭ ‬ومعاهد‭ ‬على‭ ‬الترشيح‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬العراقية‭. ‬يبدو‭ ‬انهم‭ ‬يقرأون‭ ‬القصة‭ ‬بالمقلوب‭. ‬نعم‭ ‬البرلمان‭ ‬بحاجة‭ ‬لأصحاب‭ ‬شهادات‭ ‬حقيقية‭ ‬بدلا‭ ‬شهادات‭ ‬غامضة‭ ‬يحملها‭ ‬اغلب‭ ‬النواب،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ابداً‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬افراغ‭ ‬المؤسسات‭ ‬العلمية‭ ‬والجامعية‭ ‬من‭ ‬كوادرها‭ ‬للالتحاق‭ ‬بالبرلمان،‭ ‬بل‭ ‬انّ‭ ‬الأخطر‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬يتم‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬منصب‭ ‬النائب‭ ‬بوصفه‭ ‬أعلى‭ ‬في‭ ‬القيمة‭ ‬من‭ ‬منصب‭ ‬رئيس‭ ‬جامعة‭ ‬او‭ ‬عميد‭ ‬كلية‭ ‬أو‭ ‬رئيس‭ ‬موسسة‭ ‬علمية‭. ‬ماذا‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يفعلوا‭ ‬بمنصب‭ ‬نائب‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬التغيير‭ ‬المنشود‭ ‬والذي‭ ‬بات‭ ‬صرعة‭ ‬الشعارات؟‭ . ‬إنّ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬ان‭ ‬يخدم‭ ‬شعبه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المناصب‭ ‬العلمية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬التي‭ ‬يتبوؤها‭ ‬ولا‭ ‬ينذر‭ ‬حياته‭ ‬لها،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬ذا‭ ‬قيمة‭ ‬أو‭ ‬تأثير‭. ‬حتى‭ ‬الامتيازات‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬عراقي‭ ‬بمنصب‭ ‬عضو‭ ‬برلماني،‭ ‬ليست‭ ‬حاسمة‭ ‬هنا،‭ ‬لأنَّ‭ ‬المناصب‭ ‬العلمية‭ ‬والإدارية‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬لها‭ ‬تقديراتها‭ ‬المالية‭ ‬العالية‭ ‬بالقياس‭ ‬مع‭ ‬رواتب‭ ‬عموم‭ ‬موظفي‭ ‬البلد‭. ‬‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬ديمقراطي،‭ ‬ان‭ ‬تخلى‭ ‬رئيس‭ ‬جامعة‭ ‬او‭ ‬عميد‭ ‬أو‭ ‬بروفيسور‭ ‬عن‭ ‬مكانته‭ ‬العلمية‭ ‬لكي‭ ‬يصبح‭ ‬نائباً،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬منتخباً‭. ‬‭ ‬المناصب‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬التهافت،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬كنز‭ ‬الامتيازات‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬بوابة‭ ‬الفساد‭ ‬المشرعة،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬نيات‭ ‬بعضهم‭ ‬حسنة‭ ‬في‭ ‬غلقها‭. ‬انَّ‭ ‬المناصب‭ ‬العلمية‭ ‬موضع‭ ‬تفاؤل‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الأخيرعن‭ ‬البنيان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والحضاري‭ ‬والقيمي‭ ‬للبلد،‭ ‬ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬المتهافتين‭ ‬أقل‭ ‬قيمة‭ ‬من‭ ‬منصب‭ ‬النائب‭ ‬البرلماني‭. ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حكومة‭ ‬تعمل‭ ‬بمعايير‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الرجل‭ ‬المناسب‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المناسب،‭ ‬لكانت‭ ‬طردت‭ ‬مع‭ ‬أقسى‭ ‬العقوبات‭ ‬كلّ‭ ‬أصحاب‭ ‬المناصب‭ ‬العلمية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬المتهافتين‭ ‬في‭ ‬الترشيح،‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬اختلّت‭ ‬في‭ ‬رؤوسهم‭ ‬القيم‭ ‬الواجب‭ ‬تنميتها‭ ‬والمحافظة‭ ‬عليها‭. ‬المناصب‭ ‬العلمية‭ ‬هي‭ ‬اكبر‭ ‬الامانات‭ ‬والتخلي‭ ‬عنها‭ ‬لصالح‭ ‬منصب‭ ‬نيابي،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬بلدنا‭ ‬المعروف،‭ ‬هو‭ ‬خيانة‭ ‬للعهدة‭ ‬والأمانة‭. ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬مَن‭ ‬تتكلم؟‭ ‬‭ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى