مقالات

فض الاحتجاجات..والثمن؟

د. فاتح عبدالسلام

هكذا مضى العراقيون المحتجون منكسرين ومشتتين وسط ذهول واحباط الى بيوتهم ،من دون ان يحصلوا على منجز حقيقي لمطلبهم الكبير في الكشف عن قتلة المتظاهرين، وهو أمر من السذاجة التصديق انه قابل للتحقيق في العراق بل يكاد يكون أمراً مستحيلاً.

لكن للصورة جوانب متعددة للنظر.الالعاب السياسية البهلوانية أخذت مأخذها بين صفوف المحتجين منذ زمن بعيد، وجاءت السنة الثانية تحمل وعوداً بتنظيم النفس من اجل خوض الانتخابات المبكرة للاشتراك في العملية السياسية ذات الاوتاد والاسس الثابتة، والتي خرج أغلب المتظاهرين رفضاً لها، فصاروا يبحثون عن مقعد في مركبها.

التظاهر السلمي في الاساس هو عمل من أعمال السياسة، وانه يهدف الى تغيير المواقف والتحالفات وحتى الحكومات في اطار عملية سياسية لا يهيمن عليها فلان وعلان ليبقى الشعب في قعر الزجاجة.

لكن التساؤل الذي لم تتم الاجابة عليه، هو هل استطاع المتظاهرون أن ينظموا قواعدهم الشعبية على نحو مؤثر مستقبلاً في الانتخابات وتغيير المعادلات الجامدة، أم أنّ الاهداف ضاعت بين غايات استراتيجية انطلقت بها التظاهرات في تغيير العملية السياسية وبين مطالب لاحقة عندما سقط ستمائة شهيد من شباب ساع للتغيير وحالم به وما أحوج البلد اليه، بل ما أحوج القوى السياسية التي ينخر الفساد اركانها من الداخل الى تلك الدماء الطاهرة لغسل مراحل العار والشروع بمرحلة جديدة تعتمد ميثاق الشرف الوطني لبناء العراق وجعله أولاً في كل شيء.

وعند ذاك لن تحدث احتجاجات وتظاهرات، ولن تراق الدماء، التي لم تذهب سدى كما يتوهم بعضهم.

من الواضح انَّ الافق مليء بالوعود، ليس أكثر حتى الآن، لكن من الممكن ان يبني شباب العراق على الوعود أسساً للعمل وأن يفرضوا حصة وجودهم المؤثر في ساحات بناء بلدهم، محتفظين بحق التظاهر السلمي المكفول دستورياً عند الحاجة.ل

كن الذي نخشاه هو غرور الاحزاب واعتقادها أنها انتصرت على إرادة الشعب، وتلك خطيئة كبيرة لو حدثت، لها استحقاقات ثقيلة وغير مسيطر عليها أيضاً .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى