مقالات

فوائض مالية

عباس الصباغ

لربَّ سائل يسأل اين تذهب فروق اسعار برميل النفط الذي بنيت عليه الموازنات المالية العامة، ولكون العراق بلدا ريعيا يعتمد سعر البرميل اساسا لبناء تلك الموازنات ومنها موازنة هذا العام وبسعر تخميني 45 دولارا.وبعد «بحبوحة» مؤقتة شهدتها الموازنة المالية العامة جراء ارتفاع اسعار برميل النفط الى اكثر من 150 دولارا، ما سبّب في توالي موازنات «انفجارية» ولعدة سنوات قبل 2014 تلتها سنون عجاف مثل سني يوسف، اذ انخفض سعر البرميل «وبشكل غير مسبوق» اتت بموازنات تقشفية هزيلة تزامن معها الهجوم الداعشي الاهوج على العراق، ومنذ 2014 ما زال الاقتصاد العراقي يعاني من تذبذب اسعار النفط هبوطا مايشكّل ازمة مفاجئة لصاحب القرار الاقتصادي، وقد تتزامن معها ازمات اخرى كتكاليف الحرب على داعش، التي بلغت نحو «10» ملايين دولار/ يوميا ناهيك عن الآثار الاقتصادية الباهظة، التي ترتبت على تفشّي جائحة كورونا التي اضرّت بالاقتصاد العالمي عموما وخاصة على الخط البياني لأسعار النفط، جراء تذبذب مديات الاستهلاك في سوق النفط ما اثّر على العراق سلبا.وبعد التي واللتيا تعافى سعر النفط نسبيا ومؤقتا لارتفاع استهلاكه ماسبب «وفرة» مالية بسيطة خارج نطاق السعر التخميني لسعر البرميل الذي بلغ 45 دولارا، فهل تذهب الفيوضات المالية الى ابواب كالجانب التشغيلي في الموازنة او الاستثماري فيها، ام لسد العجز الترليوني المزمن فيها، ام لابواب صرف اخرى هي اكثر الحاحا وكثيرة هي الابواب المهمة والملحّة وهذه الزيادة قد لاتتكرّر مستقبلا.فلو كان عندنا ما يسمى بصندوق سيادي نفطي حقيقي مثل بقية البلدان النفطية، التي اسست هكذا صندوق لكان قد استثمرت تلك الفوائض لتدخرها لوقت الضيق او حين يهبط سعر البرميل هبوطا حادا ما يؤدي الى احراج صاحب القرار المالي في مناقلة ابواب الموازنة، لمعالجة سد النقص الحاصل في ابواب الصرف فيها او اللجوء الى الاقتراض الخارجي والداخلي، او الى اضعف الايمان وذلك بالاستعانة بالبرنامج الاسهل وهو التقشف وللخروج من الاحراج باقل الخسائر، وللأسف فان مهندسي الموازنات العامة لم يضعوا ضمن حساباتهم المستقبلية تأسيس صندوق سيادي نفطي لاستيعاب الفوائض المالية المترتبة على تذبذب سعر البرميل صعودا، وان كان هذا شيئا نادر الحدوث ولكن هو امر جدا طبيعي للاقتصاد الريعي ،،وكانت تلك الفترة التي شهدت موازنات «انفجارية» فترة ذهبية لوضع لبنات تأسيسية لصندوق سيادي نفط، الذي اصبحت الحاجة ماسّة اليه اكثر من أي وقت مضى وللحاق ببقية الدول النفطية. أن تصل متأخرا خير لك من ألا تصل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى