تقارير وتحقيقات

في ديالى .. “صراع معاهد التقوية” ينذر بضياع أجيال المستقبل

الاولى نيوز/ تحقيقات

 

مع بدأ كل عام دراسي جديد، يتسابق طلبة المدارس وخاصة المراحل المتنهية الى معاهد الدروس الخصوصية للتقوية من اجل الحصول على مقاعد فيها لتلقي دروسا خصوصية لمواد علمية مختلفة، حيث ان عوائل بعض الطلبة ذات مستوى معيشي ضعيف إلا أنها تدفع مبالغ طائلة للمدرسين الخصوصيين في تلك المعاهد من اجل ضمان النجاح لأبنائهم في الامتحانات النهائية.

ففي الاونة الاخيرة برز تنافس واضح مابين معاهد الدروس الخصوصية للتقوية، حتى تحول ذلك التنافس في محافظة ديالى على وجه الخصوص، الى صراع فيما بينها وخاصة مابين اداراتها ، بهدف جمع الاموال على حساب مستقبل الطلبة اللذين يُعدّون بُناة وأجيال المستقبل.
صراع إدارات بهدف المال
تروي رسل حسين، وهي طالبة في الصف السادس الاعدادي (الفرع العلمي) من اهالي قضاء الخالص بمحافظة ديالى، أهم مالاحظته في معهدين للتقوية، تتلقى فيهما دروسا خصوصية استعدادا للأمتحانات الوزارية، حيث فضلت ان تسمي الاول معهد (أ) والثاني معهد (ب).
وتقول حسين ، “اضطررت ان اتلقى دروسا خصوصية لمعظم المواد، لدى عدة مدرسين في معهدين منفصلين للتقوية بسبب عدم توفر كافة الاساتذة الاكفاء اللذين استطيع استيعاب وفهم المواد العلمية منهم، في معهد واحد، من اجل ضمان النجاح بمعدل جيد في الأمتحانات النهائية”.
وتضيف، أن “منذ بداية دخولي المعهدين المذكورين قبل نحو ثلاثة اشهر ، لاحظت ان هناك صراع مستمر مابين ادارتيهما ،حيث ان كل ادارة تحاول ضم جميع الطلبة الى معهدها”.
وتبين حسين، ان “إدارات المعاهد المذكورة اصبحت تعتمد عدة اساليب فيما بينها لجذب وكسب اكبر عدد ممكن من الطلبة، فعلى سبيل أن ادارة معهد (أ) توزع المحاضرات على اوقات متفاوتة لجعل الاوقات مابين المحاضرتين او الثلاثة محاضرات ضيقة لايسمح خلالها للطلبة بالذهاب للمعهد (ب) من اجل تلقي دروس ومحاضرات لدى احد الاساتذة الاكفاء هناك، بهدف اجبارهم على تلقي جميع الدروس في معهدها حتى وان كان اساتذتها لايتمتعون بكفائة عالية تبسط المادة العلمية للطالب”.
وتؤكد ان “ادارات المعاهد تعتمد مثل هذا الاسلوب من اجل اجبار كافة الطلبة على التسجيل لديها ،بهدف الاستيلاء على الاموالهم في النهاية”.
أما، احمد ماجد وهو احد خريجي السادس الاعدادي لهذا العام الدراسي في مدينة بعقوبة، يشير الى ان “ادارات معاهد التقوية في صراع وحرب مستمرة فيما بينا طيلة العام الدراسي الماضي الذي تلقيت خلاله المحاضرات”.
ويقول ماجد ، إن “بعض إدارات المعاهد على خصام وصراع مستمر فيما بينها حيث اعتمدت عدة اليات واساليب مختلفة لجمع اكثر كمية من الاموال من الطلبة، ابرزها توجيه اسئلة بشكل علني للطلبة الذين يتقدمون للتسجيل والحصول على المحاضرات ان كانوا يتلقون محاضرات في معهد اخر، من اجل منحه المقعد اذا كان قد اجاب بلا او رفضه في حين اجاب بنعم”.
أجيال المستقبل مهددة بالضياع

وفق ذلك يقول احد المواطنين في محافظة ديالى ويدعى محمد المهداوي، ان “الدروس الخصوصية اصبحت ظاهرة بل حمى تنتقل بين الطلبة بسرعة كبيرة في العراق بشكل عام والمحافظة بشكل نتيجة تراجع المستويات التدريسية والتعليمية في المدارس الحكومية، الامر الى اصبح يجبر اولياء امور الطلبة على ارسال ابنائهم الى معاهد التقوية من اجل ضمان النجاح”.
ويلفت المهداوي الى ان “هناك معاهد تقوية رصينة ومعروفة بأساتذتها بالفعل، إلا ان تزايد المعاهد الحديثة والغير رصينة مؤخرا بشكل غير مسبوق ، خاصة وان كل منها يحاول استيعاب اكبر عدد ممكن من الطلبة”، مبينا ان “الصراع المستمر مابين المعاهد اصبح يدفع بعضها لبث اشاعات تسقط المعاهد المنافسة ، على انها غير رصينة ، بهدف كسب طلبتها الى جانبها والاستيلاء على اموالهم”.
واكد، ان “هذا الامر اصبح خطيرا جدا خصوصا وان بعض المعاهد اصبحت تتاجر بمستقبل الطلبة وتهدد الاجيال القادمة، عن طريق خداع الطلبة بمنحهم محاضرات علمية من قبل اساتذة اكفاء ، الا ان الحقيقة تثبت عكس ذلك بعد فوات الاوان”.
المواطن سبب في انتشار الظاهرة

من جانبها اكدت عضو لجنة التربية في مجلس محافظة ديالى نجاة الطائي، اليوم الاثنين، انه “اضافة الى تردي الواقع التعليمي والتدريسي في بعض المدارس فأن بعض المواطنين ساهموا بأنتشار ظاهرة الدروس الخصوصية بشكل غير مسبوق”.
وتقول الطائي ، ان “العديد من العوائل اصبحت تودع ابنائها في معاهد التقوية ، بحجة عدم استطاعتها على ايصال المعلومة لأبنائها او عدم امتلاكها الوقت الكافي لتوجيه ابنائهم نحو مهامهم المدرسية”.
وتابعت انه “بغض النظر عن تلقي طلبة مراحل الدراسات الثانوية المنتهية دروس خصوصية بسبب صعوبة المواد العلمية، الا ان الفترة الاخيرة شهدت ايداع العديد من طلبة المراحل الابتدائية لدى معاهد التقوية من قبل ذويهم ، بالرغم من سهولة المواد الدراسية لتلك المراحل”.
وبينت الطائي، ان “ظاهرة الدروس الخصوصية وانتشار معاهد التقوية على نطاق واسع واتخاذها كتجارة مربحة من قبل البعض دون الاكتراث لمصلحة الطالب، ملف يتوجب الالتفات اليه كونه يهدد مستقبل الطلبة الذي يمثلون اجيال وبُناة المستقبل”، داعية وزارة التربية الى “ضرورة الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية في كافة المحافظات ومنها ديالى”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى