مقالات

في ظل انخفاض اسعار النفط هل الاقتصاد العراقي مهدد بالافلاس؟

نبيل جبار العلي التميمي

اقتصاد الدولة العراقية وحكومتها يعتمد بشكل شبه كامل على العائدات الريعية من بيع النفط العراقي ، النفط الذي تعاني اسعاره تدهورا” كبيرا” غير مسبوق منذ عقود ، والذي يعزى لسبيين اساسيين ، الاول جائحة فايروس كورونا التي سببت تدهور كبير في النشاط التجاري العالمي والذي لم يشهد له نظير من قبل وتوقف اغلب الانشطة الطبيعية للمجتمعات بسبب قرارات الحظر التي تستخدمها اغلب البلدان حول العالم لغرض ايقاف انتشار الفايروس وتطويقه .

اما السبب الاخر ، فهو ذو طبيعة سياسية اقتصادية ، فالتنافس السعودي الروسي على زيادة الانتاج النفطي قد ساهم في زيادة في عرض المنتوج النفطي العالمي وانخفاض السعر وفق المعادلة الاقتصادية المعروفة العرض-الطلب .

مستقبل اسعار النفط
بكل تأكيد مع نهاية الازمة الصحية العالمية في مواجهة كورونا والتي يتوقع زوالها وانتهاءها قريبا ، وفق معطيات عديده منها ، انحسار الازمة في بعض الدول ، وتبني المجتمعات حول العالم سلوكيات الاحتراز الوقائي والتباعد الاجتماعي ، وبداية لاستخدام عقاقير طبية معروفة سابقا” اثبتت التجارب السريرية فعاليتها في علاج المصابين كما هو الحال مع عقارات علاج الملاريا ، ولكل ما ذكر ، فأن التنبؤ بقرب انتهاء الازمة الصحية هو تنبؤ واقعي ، ومع انتهائها تعود الانشطة البشرية والاجتماعية لسلوكها المعتاد ، معيدة معها النشاط التجاري العالمي الى طبيعته التي تؤدي بشكل حتمي الى اعاده الطلب على الموارد الاساسية والطاقة والنفط .

التحدي الاخر والمهم هو تنبؤ الاقتصاديين بأزمة اقتصادية عالمية قادمة محتملة مسببه لركود الاقتصادات العالمية والتوجه نحو الكساد ، اعلنت الولايات المتحدة ، والتي يبدو عليها الاهتمام البالغ بالازمة الاقتصادية اكثر من الازمة الصحية العالمية ، عن حزمة من القرارات واهمها القرار التاريخي بتحفيز الاقتصاد بمبلغ نقدي مقداره ٢ تيرليون دولار ( ٢٠٠٠ مليار دولار ) لدعم الاقتصاد الامريكي ، وخلال قمة مجموعة العشرين G20 الاخيرة اتفقت الدول المصنعة الكبرى على تحفيز الاقتصاد العالمي بقيمة ٥ تيرليون دولار اخرى والتي من المؤمل ان تمنح هذه المبالغ النقدية تحفيز ملموس للشركات نحو الاستمرار بتعويض الخسائر .

ان سياسات التحفيز التي تبنتها الولايات المتحدة ومجموعة الدول العشرين كبراء الصناعة في العالم ، قد استخدموا نظرية الاقتصادي الانكليزي جون مينارد كينز الذي ساهمت نظريته بانقاذ الاقتصاد العالمي في أزمة الكساد الكبير التي حدثت في ثلاثينات العقد المنصرم والتي ساهمت في انهاء الازمة وعودة النشاط نحو النمو من جديد .

تبدو ان حزمة التحفيز الاقتصادي المتفق عليها في قمة مجموعة العشرين والتنبؤات بنهاية الازمة الصحية في العالم قريبا ، قد تعطي لنا مؤشرات كبيرة لعودة اسعار النفط الى مستويات طبيعة .

ولكل ما سبق ذكره ، حول توقعاتنا بعودة الاسعار النفطية الى التحسن وبالعودة الى الاقتصاد العراقي فان لا أزمة اقتصادية متوقعة في العراق ، وان العراق سوف تتوفر لديه المبالغ الكافية لارفاد موازنته الريعية التي تقارب ( ٧٠ مليار دولار للنفقات التشغيلية ) ولكن بالتأكيد لن يكون مستعدا” لتمويل موازنتة الاستثمارية المفترضة والتي تعادل تقريبا “( ٣٠ مليار دولار للنفقات الاستثمارية ) الا بافتراض ان تكون اسعار النفط قد قاربت الـ ٨٠ دولار للبرميل الواحد وهذا مستبعد حاليا ” ، ويبقى احتياطي البنك المركزي ( ٦٠ مليار دولار ) وسيلة نهائية للاستدانة في حال وجود عجز في الموازنة التشغيلية التي تغطي نصفها الرواتب والاعانات .

اخيرا” ، لا نعتقد ان اسعار النفط الحالية تنذر العراق بخطر عدم تمكنه من تغطية نفقاتة القادمة ومن الممكن ان تكون لدى العراق خسائر في شهر اذار ٢٠٢٠ قد تؤثر في تكوين سيولة نقدية كافية لدفع مصاريف ورواتب موظفي شهر نيسان او ايار ، وذلك لاسباب ( قانونية ) ( لا نقدية ) تتعلق بالوضع السياسي في العراق في ظل استمرار حكومة تصريف الاعمال محدودة الصلاحيات واستمرار ازمة منح الثقة لحكومة كاملة بصلاحيات كاملة وعدم تقديم الحكومة لموازنة مالية الى البرلمان لغرض المصادقة واجراء المناقلات المالية ، فحكومة تصريف الاعمال هي حكومة لا يجاز لها الاستدانة من البنك المركزي او مناقلة الاموال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى