مقالات

قانون الموازنة: نرجسية التضليل!!

مازن صاحب

لم يعرف الاعلام العراقي نماذج نرجسية في إطار نظام ديمقراطي وفق العقد الدستوري النافذ..مثلما عرفه في تداول الاخبار والبيانات والتصريحات والتحليلات عن قانون الموازنة العامة في مختلف قنوات الاعلام سواء تلك التي تمثل متبنياتها نوعا من الفكر السياسي او من خلال شبكة الاعلام العراقي الممولة من المال العام. ناهيك عن التواصل الاجتماعي حيث تنتشر جحوش اليكترونية كما هو الذباب على المزابل !!مقابل هذا التضليل..في مقارنة واقعية تتحدث ارقام الجهاز المركزي للإحصاء عن وقوع اكثر من ثلث سكان العراق تحت هشاشة الفقر او دون خطه الدولي وهذا يعادل في معادلة حسابية بسيطة اكثر من ١٥ مليون مواطن / ناخب عراقي .تتضح النرجسية السياسية في تقلب المواقف ففي الوقت الذي استبشر البعض من الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي التي وصفتها في احد مقالاتي بانها ورقة سوداء ..انبرت الجحوش الإلكترونية تهاجم الانتقادات التي طرحت في حينه ..لاسيما ان هذه الورقة لن تأت بضوابط حاكمة تعالج هشاشة الفقر .. وهكذا اتفق رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي بحضور قادة الكتل البرلمانية على تخفيض قيمة الدينار العراقي باتجاه خطوة مؤجلة لتعويم سعره مقابل الدولار وأقل توقع كان ان يصل سعر الدولار الواحد بمعدل الفي دينار بزيادة او نقصان لا يزيد على ١٠% .. وبعد مناقشات متعددة الأطراف تم الاتفاق على سعر ١٤٥٠ وصدر قرار مجلس إدارة البنك المركزي فما حصل لتدور الموازنة اكثر من شهر في اروقة مجلس النواب واجتماعات قيادة الكتل كل منهم يريد فرض ما يريد بنرجسية غريبة على رجال دولة وصناع سياسات عامة .. -هل فيهم فعلا من ينطبق عليهم هذا التوصيف؟؟؟-ربما لا يتحمل الكثير منهم صراحة القول ولكن دعونا نتكلم بصوت واضح وصريح.. هناك من يرى ان هذه الموازنة انما هي مشروع أساسي لتحالف سياسي مبكر هدفه تسمية رئيس الوزراء المقبل في الكتلة الأكبر التي بدات ملامحها تظهر في اروقة تازبم المواقف لاقرار قانون الموازنة ..وهكذا لعب الوفد الكردي ورقة الجوكر المناسب لاستثمار المواقف في اي تحالف جديد ما بعد الانتخابات المقبلة ..بعنوان ( لا كتلة كبرى من دون مشاركة كردية ) وهكذا تحول الاتفاق على المادة المتعلقة باقليم كردستان الى اعادة المناقشة من جديد ..وكان جواب الوفد الكردي انه سيكون مع الكتلة الشيعية الأكبر ما بعد الانتخابات وهي من تسمي رئيس الوزراء .. وليس الحزبين الكرديين … مما هدأ نرجسية المعارضين لاتفاق طرف شيعي مع الكرد على ان يكون رئيس الوزراء المقبل منهم !!هذه النرجسية بولاية ثالثة او رابعة او خامسة ..لذات المحور في الإسلام السياسي الشيعي من دون اعادة جرد الحساب مع الواقع العراقي وردود الأفعال في ساحات التحرير التشرينية ..جعل الجحوش الإلكترونية تكثر من المناوشات فيما بينهم حتى وقع المتلقي من جمهورهم في حيص بيص ..لا يعرفون اين هي الحقيقة..من مع تخفيض سعر الصرف ..من هم ضده .. من اتفق مع الكرد من لم يتفق ..من مع الاتفاق العراقي الصيني من ضده … حتى بات تيجان الرؤوس مزرعة بصل والخطوط الحمراء تتصاعد وتنخفض في اليوم عدة مرات ..والمواطن المتلقي ضحية اما لهتافات عقائدية باتت ممجوجة لا تعالج ارتفاع الأسعار..او لفتات موائد مفاسد المحاصصة وإعادة تدوير نفاياتها ..والجميع يدورون في حلقة مفرغة لا هدف لها إلا تضليل الراي العام وتدوير كرة الاتهامات من هذا الطرف الى ذاك داخل ملعب واحد من دون أنجاز اي هدف في ساحة لعب اي طرف اخر..وفي النتيجة النهائية … ما حصل بعد تأخير اكثر من شهر ..تم اقرار قانون الموازنة حسب ذات اتفاق قيادات الكتل البرلمانية مع ظهور مجموعة صغيرة من النواب الرافضين لذلك الاتفاق بالتفكير الايجابي من خلال العمل على تقليص حجم الأضرار في اتفاق رؤساء الكتل الى أقل حد ممكن وكانوا هدفا للجحوش الإلكترونية مرات ومرات لانهم عارضوا قرارات قادة الكتل التي رفضت الإنتهاء من مشروع ميناء الفاو . فيما تتباكى حجوشهم الإلكترونية عليه .. واستغرقت مناقشة زيادة قيمة دعم المحاصيل الزراعية وضبط الاستيراد اياما لان اللجان الاقتصادية لاحزاب قيادات الكتل ترفض ذلك … وعلى هذا المنوال تواصلت أرباح مفاسد المحاصصة وثقافة المكونات الطائفية والقومية في قانون الموازنة باتفاق قادة الكتل ولم يكن دور اعضاء مجلس النواب الا الاعتراض على بعض الفقرات بعدم التصويت… مقابل انضباط كتل معروفة لها الاغلبية بالتصويت على كامل المواد..بلا مناقشة !!ربما يصح ان تكون الأشهر الثلاثة الماضية مادة دسمة لطلاب الدراسات العليا في كليات الاعلام لتفسير ظواهر صوتية في التضليل والتعبير عن نرجسية قيادات سياسية .. ولله في خلقه شؤون!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى