مقالات

قبل أن نفقد عنوان البلاد

د. فاتح عبدالسلام

دجلة والفرات نهران عظيمان ينبعان من جبال في تركيا، ويمر أحدهما في سوريا، ثمّ يجريان في العراق حتى شط العرب، لكن اسم بلاد الرافدين لا يحيل الى أي بلد سوى العراق.

والوسائل الإروائية ليست حديثة العهد فقد اشتهر بها العراقيون القدماء، غير انّها منذ سنوات بعيدة لم ترتق الى مستوى معقول من المكننة والتكنولوجيا، وما جرى انشاؤه من سدود و مبازل ومشاريع ري قبل خمسين سنة لايزال في الخدمة من دون تطوير نوعي، وبعض المشاريع انتهى عمرها الافتراضي، في حين تقل الحصة المائية سنة بعد أخرى، بما يلحق الاثر السلبي بالوضع الزراعي والاستخدامات الاخرى للمياه . حتى انّ المواسم التي تفيض فيها الانهار من كثافة الامطار والسيول باتت وبالا على البلاد، وقد نكبت الموصل قبل أكثر من سنتين في غرق العبارة حين ارتفع منسوب المياه لبضعة ايام .

لا يتوافر العراق على خطط لاستيعاب المناسيب المرتفعة وتحويلها الى مساحات هائلة يمتلكها البلد حول المدن قد تتحول مع الزمن الى بحيرات كبيرة أو مستودعات طبيعية للمياه تسد نقصاً لعدة شهور من السنة ،لاسيما اذا واجهنا صيفاً قوياً وطويلاً .من الممكن أن يفتح العراق باب الاستثمار الاجنبي في السدود لأغراض التوليد الكهربائي والثروة السمكية والري، في حال لا تتوافر امكانات مالية لبناء مشاريع إروائية كبيرة بات البلد في حاجة اساسية لها، بل انّ بلداً متقدم الاقتصاد والعجلة الصناعية والزراعية مثل تركيا، لا يشغله همّ اليوم مثل هموم المياه ومشاريعها التي يمضي في انشائها دائماً.

فما بالك عن حالنا؟

لابدّ أن يكون للعراق حكومة تضع خططاً استثمارية انمائية كبرى وتشرع في تنفيذها وتلزم الحكومات التي تليها بمواصلة اكمالها.

لقد آن أوان ذلك، خشية أن نفقد في يوم ما من أيام الجفاف الحكوماتي عنوان… بلاد الرافدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى