مقالات

كلفة قيام دستور جديد

فاتح عبدالسلام

في‭ ‬كل‭ ‬انتخابات‭ ‬نيابية،‭ ‬وما‭ ‬تسفر‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬مخرجات،‭ ‬يدخل‭ ‬البلد‭ ‬في‭ ‬معمعة‭ ‬من‭ ‬الجدال‭ ‬اللفظي‭ ‬والقلاقل‭ ‬السياسية‭ ‬والاضطراب‭ ‬الأمني‭ ‬وكل‭ ‬أنواع‭ ‬المخاضات‭ ‬التي‭ ‬توحي‭ ‬انَّ‭ ‬الضابط‭ ‬الحاكم‭ ‬لكل‭ ‬الوضع‭ ‬العراقي‭ ‬غائب‭ ‬بثقله‭ ‬الحقيقي،‭ ‬وهذا‭ ‬الضابط‭ ‬هو‭ ‬الدستور‭ ‬الذي‭ ‬نحاه‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬جانباً،‭ ‬واتخذوا‭ ‬منه‭ ‬فزاعة‭ ‬عند‭ ‬الضرورات‭ ‬القصوى،‭ ‬فيما‭ ‬انشغلوا‭ ‬بالبيع‭ ‬والشراء‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬سوداء‭ ‬التوافقات‭ ‬السياسية،‭ ‬وهذا‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬هو‭ ‬حصادها‭.‬اليوم،‭ ‬هناك‭ ‬دورة‭ ‬برلمانية،‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تشهد‭ ‬مراجعة‭ ‬حقيقية‭ ‬لوضع‭ ‬البلد،‭ ‬وضرورة‭ ‬طي‭ ‬صفحة‭ ‬الماضي‭ ‬الأليم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشريعات‭ ‬تستوعب‭ ‬الجميع،‭ ‬لكي‭ ‬نحصل‭ ‬على‭ ‬مواطن‭ ‬عراقي‭ ‬يعيش‭ ‬مع‭ ‬التحولات‭ ‬السياسية‭ ‬كلها‭ ‬وهمه‭ ‬الوطن‭ ‬غير‭ ‬مبال‭ ‬بمن‭ ‬يجلس‭ ‬على‭ ‬الكرسي‭ ‬او‭ ‬يترجل‭ ‬منها،‭ ‬لأنَّ‭ ‬الأساس‭ ‬هو‭ ‬الوطن‭ ‬الباقي‭.‬لتكن‭ ‬البداية،‭ ‬في‭ ‬اتحاد‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬قيام‭ ‬المؤسسة‭ ‬العراقية‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تتكفل‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬الدستور‭ ‬العراقي‭ ‬بشكل‭ ‬وطني‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬بنوده‭ ‬جميعها‭ ‬تلامس‭ ‬كل‭ ‬ذرات‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭ ‬وكل‭ ‬نفس‭ ‬يستنشق‭ ‬هواء‭ ‬البلد‭ ‬ويحمل‭ ‬اسمه‭ ‬في‭ ‬هويته‭ ‬وجواز‭ ‬سفره‭.‬تعديل‭ ‬الدستور‭ ‬او‭ ‬كتابته‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬للنهاية‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬حرة‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬لزمن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الذي‭ ‬انتج‭ ‬الدستور‭ ‬الحالي‭ ‬وجرى‭ ‬التصويت‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يدرك‭ ‬العراقيون‭ ‬تحت‭ ‬صدمة‭ ‬الحرب‭ ‬وافرازاتها‭ ‬ما‭ ‬فيه،‭ ‬حتى‭ ‬بدأت‭ ‬القنابل‭ ‬المؤقتة‭ ‬فيه‭ ‬تنفجر‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬لتجعل‭ ‬من‭ ‬النصوص‭ ‬الدستورية‭ ‬مجرد‭ ‬تاريخ‭ ‬لا‭ ‬فاعلية‭ ‬له‭ ‬اليوم‭.‬ليكتب‭ ‬العراقيون‭ ‬دستورا‭ ‬حضاريا‭ ‬حقيقيا،‭ ‬يكفل‭ ‬تنفس‭ ‬الملايين‭ ‬هواء‭ ‬العدالة‭ ‬والحرية‭ ‬والإخلاص،‭ ‬وهذه‭ ‬مهمة‭ ‬عظمى‭ ‬لا‭ ‬تصنعها‭ ‬الديباجة‭ ‬اللفظية‭ ‬والبنود‭ ‬المتراصة‭ ‬في‭ ‬الدستور‭ ‬المقبل‭ ‬فحسب،‭ ‬وانما‭ ‬هي‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬المؤمنين‭ ‬بتطبيقها‭ ‬بما‭ ‬ينهض‭ ‬بالبلد‭ ‬من‭ ‬رقدته‭ ‬الثقيلة‭. ‬وهذه‭ ‬المهمة‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭.‬لقد‭ ‬ضاع‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬العراق‭ ‬سنوات‭ ‬مهمة،‭ ‬كانت‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬لنا‭ ‬تكبر‭ ‬ويعلو‭ ‬بنيانها‭ ‬وينمو‭ ‬اقتصادها،‭ ‬ونحن‭ ‬غارقون‭ ‬في‭ ‬الفساد‭ ‬والتشرذم‭. ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬كلفة‭ ‬كتابة‭ ‬الدستور‭ ‬الجديد،‭ ‬واعلاء‭ ‬شأنه‭ ‬عالية‭ ‬وباهظة،‭ ‬فهي‭ ‬مطلوبة‭ ‬ولا‭ ‬بدّ‭ ‬منها‭

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى