مقالات

كهرمانة… حمداً لله ع سلامة الحرامي

كهرمانة… حمداً لله ع سلامة الحرامي – براعم علي العكيدي

منذ فترة قريبة تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبرا عن حادث مروري وقع وسط بغداد، ضحيته لم يكن بائع متجول اوصاحب (تكتك),كما لم تكن سيدة جميلة او عجوز شمطاء،بل وقعت ضحيته سيدة من سيدات الف ليلة وليلة ،اذ اصطدمت السيارة بنصب كهرمانة الواقع في منطقة الكرادة وسط بغداد ،ذلك النصب الذي ابدعه النحات العراقي محمد غني حكمت في بداية عقد السبعينيات من القرن الماضي ،واستوحاه من قصة (كهرمانة)واحدة من القصص المعروفة لدى الجميع ببطلتها كهرمانة او (قهرمانة) كما اوردت الروايات ،ابنة التاجر الذي كان يملك خان للمسافرين،كما انه كان يعمل بتجارة الزيت ،وفي احد ايام الشتاء الباردة كان هناك مجموعة من اللصوص الهاربون من رجال الشرطة الذين أضطروا للدخول خلسه إلى الخان والاختباء في الجرار فسمعت كهرمانة تلك الليلة أصوات غريبة وأدركت أن هناك لصوص مختبئين داخل الجرار فطرأت فكرة في عقلها وأخبرت بها أباها، كانت فكرتها هي سكب الزيت الساخن في الجرار ليصرخوا اللصوص المختبئين وبالفعل سكبت كهرمانة الزيت في الجرار فصرخ اللصوص وسمعهم رجال الشرطة واللقو القبض عليهم بسهولة. ومنذ ذلك الوقت و(قهرمانة)هي رمز للشجاعة عند العراقيين . لكن حين رايت الحادث لم اشعر بالحزن على هذا النصب الاثري،ولم انعي بداخلي النحات الذي ابدعه ،بل على العكس تمنيت لو ان هذا الحادث قد حدث منذ زمن مبكر ، فصاحب الـ(جيكسارا) جاء متاخر جدا، فـ(قهرمانة)كانت بحاجة لهكذا حادث منذ تسعة عشر عاما،علها تستفيق وتعود الى وعيها!فمنذ عام 2003 وهي متوقفة عن عملها،منذ مايقارب العقدين وهي متوقفة عن صب ذلك الزيت على اللصوص ,والنتيجة ان اللصوص هربوا وسرقوا والدها وسرقوا وطنها و سرقوا مدينة المنصور ودار السلام وعاصمة الفن والادب حتى باتت بقايا تاريخ ،لقد هربوا اللصوص يا مورجانا وانت واقفة تصبين الزيت على جروح الشعب ،هربوا اللصوص ونهبوا وذبحوا وقتلوا وزرعوا الطائفية والحقد والغل ،زرعوا التخلف والجهل واستعبدوا الشعب ،محوا تاريخه وقضوا على حاضره ومستقبله ،وانت يا (قهرمانة) بصمت جبان تقفين!

هل ياترى انت خائفة ام ان الزيت الساخن لم يعد يؤثر في لصوص هذا الزمن ،انهم بحاجة الى حمم بركانية تصب على ضمائرهم فتحرقها قبل ان تحرق جلودهم واجسادهم ،تكويها علها تستفيق من سباتها وتتوب عن السرقة التي البسوها لباس الدين والتقوى ..ان لصوص بغداد اليوم بحاجة الى عذاب الهي يفوق الزيت الساخن الذي حرق لصوص علي بابا . انهم فعلاً بحاجة الى شعب يقف وقفة مورجانا ويصب كل اوجاعه الساخنة ودموع الارامل والثكالى على لصوص سرقوا البلاد بجبروت وطغيان….

وفي الختام اهنئك بالسلامة يا (قهرمانة) واهدي لك الف واربع واربعون جرة اخرى مخبأ بها لصوص هذا الزمن،عذرا انهم كثر،فلقد تكاثروا لصوص بغداد، ولا زالوا يتكاثرون يا (قهرمانة)!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى