مقالات

كوفيد 19 و عصا السيندريلا

كوفيد 19 و عصا السيندريلا – براعم علي العگيدي

منذ ان فقست بيضة ذلك الكائن المجهري الصغير الذي لايُرى بالعين المجردة ،انقلبت الكرة الارضية -حالاً وليس تكويناً- رأساً على عَقِب ،فلم يبقَ الحال كما الحال،توقفت عقارب الساعة عن الدوران ،وثارت البشرية ثورةً لم نرَها وقت اعلان الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية . اذ توقفت المعامل عن الانتاج، والعمال عن العمل،والاشجار عن النمو،والمعلم عن التعليم،بل توقف حتى الحب الابوي وعاطفة الامومة الفطرية! فتباعد المُحبون،ومُنعت المصافحة،و حُضرت فناجين القهوة الصباحية برفقة فيروز ،ونسينا صوت أم كلثوم والسهر بصحبة القمر .. أُلغيت المآتم وتأجلت الاعراس وصار للعُطاس رهبة وللحمى سُلطان! وحكم بالسجن المنفرد على كل من تتجاوز حرارته 37 درجة مئوية،فأمسى منبوذاً ويُشار اليه بالبنان بتهمة حيازة الفايروس والمتاجرة به ،وصار وجودهُ خطراً عالمياً.كل ماذكرناه سببه ذلك المخلوق اللعين الذي لايُرى الا مجهرياً .واليوم ونحن نتحضر لإطفاء شمعة الفايروس الثانية، لا تزل تلك ثورة مستمرة،وعاهدتها بالمساندة والانضمام جمعية-اللقاح-الخيرية، بكل انواعه ،بدءاً من شرق آسيا حتى اوروبا وأمريكا بهيلمانها وقوتها وسيطرتها على العالم.لتبدأ حملة اللقاح وكأنه عصا الساحرة الطيبة في فيلم السيندريلا التي تُحوّل الفأر الى حصان ،وحبة القرع الى عربة فخمة ،والثياب الممزقة الى فستانٍ رائع!والتساؤل هو: ما الذي حصل عندما حقنا -وسنحقن -ذراعنا بذلك اللقاح ؟!انا لا اتسائل عمّا سيجري داخل اجسادنا وخلاياها اللامرئية ..بل اتسائل عما سيحدث في حياتنا بمصائبها المقروئة و السمعية و المرئية؟!انتبهوا ياسادة…فبعد حقننا لذلك اللقاح ستبقى فلسطين مُحتلة ،وسوريا رهينة الدواعش،ولبنان اسيرة الأزمات ،وليبيا رهينة الاحتلال ،والسودان غائصة في المجاعات ،والعراق جراحه مفتوحة تنزف اطناناً من الموت والألم والجهل والتخلف والتراجع …نحن ياسادة بحاجة ماسة الى – لقاحات عدّة- لا لقاح واحد ..لقاح ضد فايروس الجهل (لعودة صحة التعليم)، لقاح ضد فايروس الحرب(لنحيا بسلام) ،لقاح ضد فايروس الطائفية(لنعيش معاً اخوة)، لقاح ضد فايروس النوم(لصحوة ضمائرنا ) ، لقاح ضد فايروس الرشوة (لنظافة جيوبنا)، لقاح ضد فايروس الاستغلال (لكسب حقوقنا)..نحن منذ الازل و سنظلُّ حتى الأبد بحاجة للقاحاتٍ لا نخاف بعدها ان نُمسخ قردةً او كلاب ،لقاح لا يسبب العقم ولا يجذب الحديد والمعدن..لقاح يبني ارواحنا ويُعيد كرامتنا وشعورنا بوجودنا على ارضنا وانتمائنا لبلدنا..نداءنا اليوم الى العلماء ..حاربوا فايروساتنا الازلية لنتمكن من محاربة فايروسكم المستجد.!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى