مقالات

كيف نعيد الاعتبار للصحافة العراقية؟

د، فاتح عبدالسلام

عيد الصحافة العراقية في الخامس عشر من حزيران لكل عام، مناسبة تحتاج الى وقفة تأمل. وأول ما نحتاجه هو إعادة الاعتبار لمهنة أصبحت مشاعة، ونهباً للسرّاق، وغطاءً لمهن أخرى أو لكل من لا مهنة له. في حين لا تزال القلة من الصحفيين أبناء المهنة والمخلصين لإرثها وتاريخها والمجددين في آفاقها يمسكون على أسباب استمرارية عطائهم في مهنتهم الفذة كالقابض على الجمر. ذلك انها المهنة الوحيدة التي تكون على تماس مع جميع أبناء البلد بدرجات متفاوتة وتبعا لوسائل الاعلام، وادواتها، وامكانات الوصول، والانتشار. فيها قدر عال من المخاطرة لأسباب تتعلق بالآخرين من قوى السياسة والمجتمع، حتى ان الطبيب على الرغم من عظم مهنته واهميتها، فلا يلجأ اليه سوى المرضى. فمَن يريد من الناس الانقطاع عن اخبار الساعة، وكذلك، هل نجد بين النُخب مَن يعزف عن متابعة المواد الإعلامية الاعمق في المقال، أو التحليل، أو الحوار، أو التحقيق، أو الحوار وسوى ذلك؟ مهنة مهمّة مظلومة سحقها المتطفلون عليها والمتسلطون فوقها، من داخل أروقتها، ومن أروقة السياسة ومراكز القوى في المجتمع. الذي يهمنا هو كيف نحمي الصحفي كعنوان يمثل مهنة لها اشتراطاتها واعتباراتها؟ بلا أدنى شك انّ اغراق الساحة الإعلامية بمنتسبي الأحزاب تحت عناوين صحافية سيغير مع الزمن من جميع تلك الاعتبارات المهنية التي نتحدث عنها. الوقفة الجادة هي وقفة تصفية بغربال المهنة والمنجز والاعتبارات الذاتية المتصلة بالتأهيل والممارسة. وهي من المهمات الصعبة التي نشك ان يتمكن شخص او جهة بمفردهما إنجازها. ليس شرطا ان نقبل منح عنوان الصحفي الى مقدم برامج، مهما بلغ اسمه في الرواج، وقد انتجته السوق السياسية للأحزاب والحكومات، وهو لا يمت بأي قدر من الإخلاص للمهنة امام مغريات ألاعيب السياسة. نحتاج الى إعادة تصنيف الإمكانات الصحافية وبلورة اعتبارات التمثيل الاعتباري للمهنة، كما نحتاج الى تكاتف الجهود لكيلا يموت صنف صحافي لصالح انتشار صنف آخر، كما يحصل مع الصحافة الورقية. ولنا في ذلك مجالات عدة لتكريم الأسماء التي صنعت علاماتها الفارقة في السنوات العشرين الأخيرة ، لكيلا تظل حصيلة الخبرات ضئيلة والتركيز على أسماء انتجتها عقود الخمسينات والستينات والسبعينات ولها كل الاحترام والتقدير، ولكنها مسيرة لا تنتهي عند عتبة أحد، وستبقى تياراً تنويرياً في الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى