مقالات

لا وقت للعراق.. الحريق الجديد غداً

د. فاتح عبدالسلام

لم‭ ‬تعد‭ ‬هناك‭ ‬إمكانية‭ ‬للالتفات‭ ‬الى‭ ‬الكوارث‭ ‬الماضية‭ ‬لكثرتها‭ ‬وسرعة‭ ‬حصولها،‭ ‬وبتنا‭ ‬مضطرين‭ ‬للتفكير‭ ‬في‭ ‬الكارثة‭ ‬اليومية‭ ‬المقبلة‭ ‬لا‭ ‬محالة‭.‬‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المنوال‭ ‬تسير‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬‭ ‬السؤال،‭ ‬هو‭ ‬لماذا‭ ‬سوف‭ ‬تتكرر‭ ‬الحرائق‭ ‬ولاسيما‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬المهمة؟‭ ‬والجواب‭ ‬بسيط،‭ ‬هو‭ ‬انّ‭ ‬المسؤولين‭ ‬المكلفين‭ ‬بها‭ ‬غير‭ ‬مؤهلين،‭ ‬انهم‭ ‬نتاج‭ ‬أحزاب‭ ‬غير‭ ‬معنية‭ ‬بالمصالح‭ ‬العليا‭ ‬للبلاد‭ ‬والمواطنين‭ ‬بمصالحهم‭ ‬الذاتية‭. ‬لطالما‭ ‬غرقت‭ ‬البلاد‭ ‬بالضجيج‭ ‬الذي‭ ‬يحاط‭ ‬عند‭ ‬تعيين‭ ‬وزراء‭ ‬جدد‭ ‬في‭ ‬الحكومة،‭ ‬وكأن‭ ‬البناء‭ ‬الإداري‭ ‬سليم‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬منافسة‭ ‬لما‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬المانيا‭ ‬او‭ ‬السويد‭ ‬او‭ ‬بريطانيا،‭ ‬وانه‭ ‬لا‭ ‬نحتاج‭ ‬سوى‭ ‬تبديل‭ ‬الوزير‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تغييرات‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬لقيادة‭ ‬حقيبة‭ ‬وزارية‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬يقول‭ ‬شيئا‭ ‬آخر،‭ ‬هو‭ ‬انّ‭ ‬الحلقات‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الوزير‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتحكم‭ ‬بشؤون‭ ‬اية‭ ‬وزارة،‭ ‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬يمضي‭ ‬الوزير‭ ‬فترته‭ ‬الامتيازية‭ ‬في‭ ‬التستر‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬والمضي‭ ‬هادئاً‭ ‬نحو‭ ‬انتهاء‭ ‬مهمته،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انَّ‭ ‬الجهاز‭ ‬الإداري،‭ ‬من‭ ‬وكيلي‭ ‬وزراء‭ ‬ومديرين‭ ‬عامين‭ ‬يمثل‭ ‬الكتلة‭ ‬الصلبة،‭ ‬صعبة‭ ‬الازالة‭ ‬والتغيير،‭ ‬وهي‭ ‬الكتلة‭ ‬التي‭ ‬ينخرها‭ ‬الفساد‭ ‬الحقيقي‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬افترضنا‭ ‬فرضاً،‭ ‬أعرف‭ ‬انّ‭ ‬الله‭ ‬سيحاسبنا‭ ‬عليه‭ ‬حتى‭ ‬لمجرد‭ ‬كونه‭ ‬نفترض،‭ ‬هو‭ ‬انَّ‭ ‬الوزير‭ ‬نظيف‭ ‬وغير‭ ‬فاسد‭. ‬الكوارث‭ ‬الضاربة‭ ‬لمصالح‭ ‬العراقيين‭ ‬الخدمية،‭ ‬هي‭ ‬نتاج‭ ‬كارثة‭ ‬مزدوجة‭ ‬سياسية‭ ‬وإدارية‭. ‬لا‭ ‬وقت‭ ‬للعراق‭ ‬المرهون‭ ‬مصيره‭ ‬تصعيد‭ ‬إقليمي‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬لحظة‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬وقت‭ ‬للعراق‭ ‬الذي‭ ‬تتجاذبه‭ ‬قوتان‭ ‬رسمية‭ ‬وشبه‭ ‬رسمية‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬وقت‭ ‬للعراق‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يصلح‭ ‬منظوماته‭ ‬السياسية‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬وقت‭ ‬للعراق‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬البنك‭ ‬الفيدرالي‭ ‬الأمريكي‭ ‬يمسك‭ ‬بديناره‭ ‬خشية‭ ‬التداعي‭ ‬الى‭ ‬الحضيض‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬وضحاها،‭ ‬ولا‭ ‬وقت‭ ‬للعراق‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬إنْ‭ ‬كان‭ ‬بحاجة‭ ‬لدستور‭ ‬جديد‭ ‬أو‭ ‬معدّل‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬التمسك‭ ‬بالقديم‭ ‬بوصفه‭ ‬حمّال‭ ‬أوجه‭ ‬تنفع‭ ‬ساعة‭ ‬المحن،‭ ‬لكل‭ ‬ذلك‭ ‬وأزيد‭ ‬لا‭ ‬وقت‭ ‬للعراق‭ ‬أن‭ ‬يصلح‭ ‬أحواله‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬جهاز‭ ‬اداري‭ ‬جديد‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬الاستحقاق،‭ ‬وهذا‭ ‬ممكن‭ ‬لو‭ ‬جرى‭ ‬توظيف‭ ‬مدروس‭ ‬للخريجين‭ ‬بطريقة‭ ‬نزيهة‭ ‬وكفوءة‭. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى