مقالات

لماذا الأردن في هذا التوقيت؟

د. فاتح عبدالسلام

عاشت المنطقة العربية بعد مرحلة الحروب التقليدية مع اسرائيل حروباً أخرى واضطرابات كثيرة ومتلاحقة، نجمت عنها تداعيات اقتصادية ونزوح بشري متعدد وتهديدات جدية لمصائر شعوب وبلدان، وذلك منذ العام ١٩٧٥ حين اندلعت الحرب الاهلية اللبنانية، وبعدها بسنوات قامت الحرب العراقية الايرانية العام ١٩٨٠ التي امتدت الى ثماني سنوات وبعدها بسنتين جاء غزو الكويت وحرب الخليج الثانية العام ١٩٩١، وحدث الحصار الدولي الكبير ضد العراق الذي انتهى بحرب احتلال العراق من الجيش الامريكي العام ٢٠٠٣، ثمّ نشوب حرب لبنان ٢٠٠٦، وصولاً الى الحرب الداخلية في سوريا العام ٢٠١١ والمستمرة حتى اليوم. كلّ تلك الاحداث الجِسام عصفت بالمنطقة، والأردن يتحمّل أعباءها المفروضة عليه من دون إرادة منه، فاستوعب موجات هجرة ونزوح من العراق والكويت ولبنان وأخيراً سوريا، ليكون أكبر بلد في العالم في تحمّل مجهود رعاية اللاجئين والنازحين، في حال اضافة دوره المشهود في تقديم الدعم للقضية الفلسطينية واللاجئين قبل ذلك بعقود ولايزال.إنَّ الاردن الذي يخلو من نعمتي الماء والنفط اللتين تتمتع بهما دول سواه، استطاع أن يحافظ على توازن نوعي في المنطقة، لذاته وللآخرين، وكان رئة لها يوم تعرضت بلدان فيها لاختناقات الحروب والنزوح والحصار، فضلاً عن اختناق السياسات، فتميز موقفه المستقل وسط الامواج العاتية التي جاءت بها ما تعارف العالم على تسميته بصفقة القرن.هذا البلد، بات هدفاً لسِهام عدة، واستغلت جهات كثيرة، أوضاعاً اقتصادية أو تغييرات داخلية أو أخطاء ادارية لتوظيفها سياسياً من أجل إقلاق وضعه الداخلي الاكثر تماسكاً في المنطقة. ويبدو انّ تسارع التغييرات والاحداث في الشرق الاوسط والخليج مع متغيرات دولية ومستجدات التطبيع وتقاطع الرؤى والمواقف أتاح فرصاً للمتربصين في لعب ورقة ضغوط جديدة من اجل النزول بصيغ أخرى الى الساحة الاردنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى