مقالات

لماذا الاقتتال البيني؟

لماذا الاقتتال البيني؟ – علي الشكري

المتتبع لحركة تطور الجار وبلدان الاقليم ، يقف على السعي الحثيث لمسابقة الزمن من أجل اثبات الذات ، المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠ ، الامارات العربية المتحدة ثاني بلد في العالم من حيث عدد المباني الاعلى ، إيران تفاوض بشراسة لفرض اتفاق نووي رصين لا يعيد عقارب الساعة الى الوراء ، تركيا تتمدد مرة صوب العراق ، وثانية باتجاه سوريا ، وثالثة تقفز الى ليبيا ، وقد أرّقت اليونان بتحركاتها ،رغبة في استعادة امجاد الدولة العثمانية ، مصر تصارع الزمن من أجل إيجاد بديل للثروة التي شحت ، فراحت تنحت في الارض من أجل عمارتها ، وخلق فرص عمل ، وايجاد بديل ثروة ، فأطلقت مشروع العاصمة الادارية الجديدة ، سوريا تناضل من أجل الخروج من عنق الزجاجة ، الاردن تبحث عن بديل الماء والمال والحرث والثروة ، والعراق هو الاخر في حراك مستمر وقد غادر السكون وكما العهد به ، من أجل البحث عن الموت ، والخراب ، والاقتتال البيني ، لتدمير ما شُيد وتخريب ما بُني ، وتهريب ما انتج واستقطب ، والا فما تفسير صراع الاخوة الذين اصطفوا ولما يزالون لقتال من اراد بالعراق موتاً ، ألم يصطف الصدري والبدري والحكيمي والعصائبي والمالكي … للإطاحة بدكتاتور ، ملء العراق وشغل الجار والاقليم بشرّه ؟ ألم يقف خصماء اليوم صفاً واحداً من أجل مواجهة آلة الموت التي ملأت الارض بجثث الابرياء ، مرة بحجة الطائفية ، وثانية بذريعة القومية ، وثالثة بجريرة الانتماء للمنظومة الجديدة ؟ ، ألم يختلط دم الصدري والبدري والعصائبي وهم يقاتلون من أجل استعادة وطن أريد له الموت على يد أرذل خلق الله ؟ فسجلوا بدمائهم أكبر الانتصارات ، وسطروا بتضحياتهم أروع البطولات، في وقت تساما اصحاب الارض وتواروا ، حتى تظنهم سراب أو ظل غائب ، بعضهم راح يصطف مع الارهاب ، وثاني افترش دول الجوار، وثالث سكن الحانات ، ورابع اضطرته آلة الموت لسكن مخيمات اللجوء . علاما الاقتتال البيني يا شركاء الظلامة ، هل سكنتم فارهات القصور كما سكنها شركاؤكم في الوطن من قبل ؟ أم اقتتالكم من أجل انصاف يتاما وارامل وثكالى الدكتاتور ، والطائفية والارهاب ؟ أم اقتتالكم من أجل الاخذ بثارات شهداء سبايكر ومثلث الموت وحزام بغداد ؟ وربما كان اقتتالكم من أجل إسقاط شعار الشروگي لا يصلح للحكم ومداره اللطم ؟ أم أقتتالكم من أجل قوافل شهداء جديدة واضافة صفوف أرامل لآلاف الثكالى ؟ أو ربما أسعدتكم مشاهد اليتامى الذين افترشوا الارض وملؤا الساحات وغطوا الاشارات الضوئية ؟ وربما كان اقتتالكم لتنفيذ مخطط من سعى جاهد للإطاحة بحكم الشيعة ؟ أو ربما كانت التجربة اللبنانية إنموذجاً يُحتذى به وقد أطلع عليها أبناء المذهب الواحد وهضموها وتشبعوا بها ، علاما صراعكم واركان حكمكم أوهن من بيت العنكبوت ؟ وقد تجمع العالم وتكتل الاقليم للاطاحة بكم ، هل اكتفيتم بحكم عقد من الزمن ملؤه احتراب طائفي ، وتنابز قومي ، وذبح طائفي ، وقتل للاولاد وحرق للاملاك ونهب للثروات ؟ هل قتالكم من أجل نصرة مذهب ، أو إنصاف مظلوم ، أو استعادة مغصوب ، أو الاقتصاص من عميل ألّب وحرّض وموّل وقتل الاولاد وسبى النساء ؟ أم اقتتالكم من أجل عودة الطغيان ؟ وربما الاقتتال بقصد العودة أتباع أذلة ؟ ويقيناً أن عودة الباغض والحاقد والناصبي لن تكون هذه المرة عودة من أجل المنصب أو اعتلاء السدة ، لكنها عودة للثأر والاقتصاص والانتقام ممن حكم لسنين عجاف . يا حكام العراق ، يا من ملأتم قلب إمامنا قيحا ، ويا من أبححتم صوت سيدنا المرجع الاعلى ، فغادركم ليعتكف عنكم متأسفاً على أمانة لم تحفظ ، وسمعت مذهب لم تصان ، وتاريخ مرجعية لم يرعَ .

ارجعوا الى تاريخكم ، وتمعنوا في سيرة اسلافكم ، استذكروا ظلاماتكم ، وراجعوا ما قد مضى ولما يزل ، من استهداف وتنكيل ومس وتحريض ، ارجعوا الى ما قد رُبيتم ونشأتم وترعرعتم عليه ، للتمهيد لإمام زمانكم ، هل تمهيدكم له باقتتالكم وذهاب ريحكم وافتتانكم ، واضافة ايتام وزيادة ارامل وتكثير متسولين ونشر كراهية وضغينة وبغضاء وشحناء ؟ يا شيعة العراق أرجعوا الى تاريخ حكامكم المعاصر وقفوا على حاضركم ، هل انصفتم من سكن في عهد الراحل بيوت الصفيح ؟ أم ربتّم على اكتاف عوائل من قطف الدكتاتور ارواح ابنائهم ؟ وهل اسكنتم من افترش بيوت الطين في مساكن تنتصر لانسانيتهم ؟ يا من تحكمون اليوم باسم الشيعة ، ويامن تدعون التمهيد لعصر الظهور ، قفوا واسمعوا ما يعلنه شريككم في الحكم من تصريح وبصوت عال ، أنه يُحرّض ولما يزل على حكمكم للاطاحة به والتنكيل بكم ، والاقتصاص ممن ابعد واقصى وتولى واعتلى السدة . يا حكام الشيعة في العراق ، ارجعوا الى الله وتوبوا اليه توبة نصوح ، وتقربوا الى سيدكم المرجع واطلبوا العفو منه ، عما سلف من إعراض وصد وإنكار وفساد وظلامات ، عودوا الى شعبكم واستميحوه عذراً ، عما صدر من خطأ وشطط وتخريب وظلامات ، فشعبكم كريم مسامح يحب العفو ، عودوا الى أسر من ضحّى وقدّم واستشهد ، من أجل نصرتكم وتلبية لنداء مرجعكم وانصفوه ، فمثله لا يُظلم ولا يجازى بالإعراض والصد ، سارعوا الى فقرائكم فعلي (عليه السلام) كان يقضي ليله متنقلاً بين بيوت الفقراء ، يمسح على رأس من تقطعت به السبل ، يجالس اليتيم ، ويواسي الارملة ومن فقدت عزيز ، عودوا الى أرثكم ومهدوا لإمام زمانكم ، فقد أثبتم يوم نادى مرجعكم الاعلى حي على الجهاد ، أنكم خير من ينصر ويخرج ويذود ويقاتل لاقامة دولة العدل ، انتفضوا لتشيعكم إن كنتم من اتباع علي ( عليه السلام ) ، وانصار الحجة ( عجل الله فرجه ) ، كفرّوا عن اخطأكم بنصرة المظلوم والاقتصاص من الظالم ، مهدوا لدولة. العدل بحفظ حرمة المال العام ، وتتبع حقوق العباد ، ونصرة المظلوم . لقد انتشرت الضلالات وتفشت الانحرافات وشاعت المحرمات وتحكمت الوافدات من السيئات ، فليس في اقتتالكم نصرة أمامكم ، لكنه توهين لوحدتكم ، وتشكيك في شعاراتكم ، وتمكين لأعدائكم ، الذين راحوا يعلنون معاداتكم ، ولا يخفون مؤامراتهم ، فليس في العودة الى الحق هزيمة ، لكن الهزيمة كلها في اقتتالكم وضايع ريحكم وتفرق كلمتكم ونصرة عدوكم ، فقد ولى زمن حكم السلف ، لكن التاريخ حفظ لكل مواقفه، ولتكن اربعينية امامكم خط الشروع بوحدتكم ، لا موعداً لاقتتالكم ، نصرة للحق وتصحيح للمسار وإفشال لمشروع من اراد بدولتكم الدوائر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى