مقالات

لماذا تجرعت أمريكا السم؟ أرقام مفزعة

لماذا تجرعت أمريكا السم؟ أرقام مفزعة – منقذ داغر

بعد ان فرغتُ في سلسلة مقالات سابقة من تحليل ظاهرة صعود الطالبانية الجديدة واحتمالاتها في العراق,آن الاوان لدراسة الاسباب الحقيقية التي جعلت أميركا(الجمهورية والديموقراطية) تقبل بتجرع (سم) الهزيمة التي نالت من سمعتها في العالم وعرضتها لعاصفة من الانتقادات الداخلية والخارجية؟ يقدم لنا معهد واتسون التابع لجامعة براون ارقام مفزعة عن ما تكبدته امريكا من خسائر نتيجة الحرب على الارهاب التي شنتها في اعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في كثير من بلدان العالم وفي مقدمتها افغانستان والعراق. ان هذه الارقام التي سالخصها هنا توضح الصورة كاملة ولا تدع مجالا للشك في حجم الكارثة الكبرى التي سببها بوش الابن وعصابة المحافظين الجدد لا على العالم فحسب بل على امريكا قبل ذلك. هذه الارقام محسوبة لكل العمليات العسكرية والحروب التي خاضتها جيوش امريكا في كل العالم (اي في حوالي 83 دولة) بعد تلك الاحداث ولغاية بداية هذه السنة.لقد تسببت تلك الحروب في مقتل 801 الف شخص كنتيجة مباشرة للعمليات العسكرية،بما في ذلك افراد الجيش الذين قتلوا! طبعا هذه الارقام تستند الى تقديرات متحفظة جدا وهناك اكثر من مصدر يؤكد انها اكثر بكثير.اما الخسائر البشرية غير المباشرة نتيجة ما سببته الحروب من دمار للبنى التحتية او مجاعة او تلوث او غيرها فتقدرها الدراسة باضعاف هذا الرقم. كما سببت هذه الحروب على (الارهاب) تهجير 38 مليون شخص في مختلف انحاء العالم وهي اكبر حركة نزوح في تاريخ البشرية. خسرت امريكا نتيجة هذه الحروب اكثر من 7000 قتيل في قواتها المسلحة، معظمهم في العراق. اما الاصابات فبلغت عشرات الالوف. وهناك 8000 متعاقد مع الجيش الامريكي خسروا ارواحهم في الحرب. كما ان عدد الذين انتحروا من افراد الجيش الامريكي بعد عودتهم من العراق وافغانستان فقد زاد على 30 الف حالة انتحار!اما على الصعيد المادي، فقد بلغ مجموع الانفاق على تلك الحروب من الموازنة الامريكية منذ 2001 ولغاية 2021 ما يعادل 6.4 تريليون دولار. ويقفز الرقم الى 8 تريليون دولار اذا تم احتساب فوائد القروض التي حصلت عليها الحكومة لتمويل الحرب! وبعكس ما يعتقد كثير من الناس بأن الحروب تؤدي الى انعاش الاقتصاد الامريكي وخلق فرص عمل جديدة ،فقد خلصت الدراسة الى ان الاقتصاد الامريكي خسر حوالي مليون ونصف فرصة عمل كان يمكن توليدها لو تم استثمار تلك الاموال في ثلاث قطاعات فقط هي الصحة والتعليم والطاقة النظيفة. كما اشارت الدراسة الى ان اكثر هذه الاموال الامريكية،فضلا عن اموال المساعدات الدولية الاخرى،التي انفقت في العراق وافغانستان ذهبت لقطاعي الامن والجيش وليس للمساعدة في بناء تلك الدول. وحتى ما ذهب منها للبناء فقد تبخر جزء كبير منه في عمليات الفساد او نتيجة لعدم كفاءة الانفاق. هنا يتشير الدراسة الى مبلغ مليار دولار تم تخصيصه لتطوير الشرطة العراقية ولم تستطع شركة تدقيق الحسابات المكلفة بتدقيق المصروفات العثور عليه!هذه الارقام تفسر بما لا يدع مجالا للشك هذا الاصرار لكل الادارات الامريكية التي اعقبت بوش الابن على الانسحاب من الورطة التي وجدوا انفسهم فيها نتيجة استراتيجية الحرب على الارهاب. هذا لا يعني ان امريكا ستتوقف عن محاربة (الارهاب) لكنه يعني ان هذه الاولوية فس استراتيجيتها الدولية ستتم معالجتها بطرق ووسائل اخرى،قد تتضمن القتال والحرب،لكنها بالتأكيد ستكون اقل كلفة واكثر حكمة من نزق ترامب الابن وعصابته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى