مقالات

ما بين ( الوعي الرقمي ) والتنازع العشائري!!

مازن صاحب

تتزايد فجوة ( المعرفة ) في العراق البلد الذي طالما وصف بوارث الحضارات ، آخر مؤشر على ذلك ما صدر عن جامعة ستنانفورد من قياس لوعي الثقة والتعامل مع الذكاء الصناعي حيث حلت السعودية في المرتبة الثانية دوليا في اهتمام الدولة والشعب على إيجاد الوعي المطلوب للتعامل مع صناعة المستقبل.. وعدم ذكر العراق في الخبر المنقول عن نتائج هذا المقياس. نعم ..يأتي العراق في المراتب الاخيرة من اغلب مقاييس معايير التنمية المستدامة فيما تتناقل الاخبار( صولات عشائرية ) في مثلث النفط الأغنى عراقيا ما بين البصرة والعمارة والناصرية.. هذه الصولات ليست للإستثمار ريعوالنفط في ردم فجوة المعرفة والانتقال من نموذج متخلف الى اخر حضاري متطور بل الارتكاز على جاهلية تتجدد بعناوين مختلفة براقة وربما مقدسة .. منها ما يؤشر تزايد مظاهر التطرف في فهم بعض الجوانب المقدسة دينيا لاسيما كثرة الحركات ذات الفهم المتطرف حتى للشعائر من دون وجود قرار مرجعيات دينية تتعامل مع هذا التطرف بما يؤثر على تزايدها.. وايضا عدم وجود وربما قدرة الجهاز الأمني للتعامل مع هذه الحركات لأسباب ايضا ربما تكون انتخابية بحتة .. جعلت من هذا الطرف او ذاك يتردد في نفاذ القانون الوضعي على حركات دينية متطرفة !! هنا تعود ثنائية( العمامة والافندي ) التي جاءت كعنوان لاحد كتب المرحوم فالح عبد الجبار لتحليل العلاقة بين الفهم المجتمعي للدين .. وانعكاس ذلك على نظام العشائرية من جهة ونظام المحاصصة وثقافة المكونات من جهة ثانية .. والانكى في الأمر أن هذه الثنائية تطبق بابشع صورها في عقدين سبقت وربما لعقود مقبلة اذا لم تنجح القوى الليبرالية من تعليق جرس الديمقراطية الحقيقي على أبواب مجلس النواب من خلال مشاركة اوسع في الانتخابات النيابية. ولكن ..اغلب احزاب نظام مفاسد المحاصصة الماسكة بالسلطة اليوم تتعامل ايجابيا مع نشر جاهلية تتجدد بعناوين مختلفة.. منها ما هو مقدس ما دامت القوى الرئيسية تنهج فلسفة البيعة والتقليد للاسلام السياسي وترفض القانون الوضعي لسيادة الدولة العراقية في مخالفة دستورية صريحة .. لذلك تصمت عن السلاح العشائري المنفلت والذي يظهر اعلاميا مرة في تشيع جنازة شبخ عشيرة واخرى في نزاعات مناطقية … في مقابل تحول النظام السياسي السعودي الذي كان يوصف حتى وقت قريب باقذع الأوصاف ويقف عند بوابة دعم الجماعات السلفية التكفيرية.. هذا التحول لم يأت من فراغ بل من قناعة الدولة ان منهاج السلفية الإسلامية لا يحقق الارتباط المطلوب مع التطورات الحضارية المستقبلية المستدامة .. هكذا ظهرت رؤية ٢٠٣٠ وتحولت صحراء الربع الخالي الى مزارع لإنتاج الحنطة والشعير!! عراقيا .. لا تبدو الأمور تتجه نحو ترسيخ مظاهر التنمية المستدامة لاسيما مجتمعيا .. وتلك مهمة كبرى امام النخب والكفاءات الاكاديمية والمثقفة ليس للوقوف على التل كاغلبية صامتة ترفض المشاركة في الانتخابات ..بل يفترض ان تظهر برامج جامعية وتعليمية بمشاركة المجتمع المدني ووسائل الاعلام ..للخروج من نطاق( التنازع العشائري ) والعمل على فتح ابواب( الوعي الرقمي ) فهل ستكون هذه البرامج ضمن سياقات تطبيق المنهاج الوزاري ام لا ؟؟ سؤال بانتظار الاجابة الواقعية الواضحة.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى