مقالات

متى ينتهي الخنوع والجهل؟

نزار محمود

لم‭ ‬يعرف‭ ‬عن‭ ‬شعب‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬خنوع‭ ‬أو‭ ‬جهل‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬بهذا‭ ‬الشعب،‭ ‬كي‭ ‬يسكت‭ ‬عن‭ ‬كرامته‭ ‬ويعيش‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬الاكتراث‭ ‬بما‭ ‬يحصل‭ ‬له‭ ‬وفيه؟ان‭ ‬كرامة‭ ‬الشعب،‭ ‬بالطبع،‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬كرامة‭ ‬الفرد‭

. ‬فلشعب‭ ‬كرامة‭ ‬تاريخية،‭ ‬وله‭ ‬في‭ ‬ادارة‭ ‬أموره‭ ‬السياسية‭ ‬ما‭ ‬يدفعه‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬يتخذ‭ ‬موقفاً‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬حقوق،‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬التزامات‭ ‬تمليها‭ ‬عليه‭ ‬تلك‭ ‬الكرامة‭. ‬فالسيادة‭ ‬حق‭ ‬وشرف‭. ‬لم‭ ‬يذكر‭ ‬التاريخ‭ ‬أن‭ ‬شعب‭ ‬العراق‭ ‬قد‭ ‬تنازل‭ ‬عنها‭ ‬أو‭ ‬فرط‭ ‬بها،‭ ‬وكان‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬مستعداً‭ ‬للتضحية‭ ‬من‭ ‬أجلها‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الكرامة‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬عند‭ ‬السيادة‭ ‬بمفهومها‭ ‬السياسي،‭ ‬وإنما‭ ‬تتعداها‭ ‬الى‭ ‬الحياة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للشعب‭ ‬وأبنائه‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬اشباع‭ ‬حاجاته‭ ‬وضمان‭ ‬عيشه‭ ‬الكريم،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التصرف‭ ‬بثرواته‭ ‬في‭ ‬كفاءة‭ ‬استثمارها‭ ‬وفي‭ ‬عدالة‭ ‬توزيعها‭.‬أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الثقافة‭ ‬بمفهومها‭ ‬الواسع‭ ‬وما‭ ‬تتضمنه‭ ‬من‭ ‬منظومات‭ ‬قيم‭ ‬اخلاقية‭ ‬وعادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬وأنماط‭ ‬تفكير‭ ‬وسلوكيات‭ ‬فهي‭ ‬الأخرى‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬كرامة‭ ‬الشعب‭ ‬وحقه‭ ‬في‭ ‬خصوصيات‭ ‬هويته‭ ‬الجمعية‭ ‬وصورته‭ ‬الاجتماعية‭.

‬ان‭ ‬ما‭ ‬يعيشه‭ ‬اليوم‭ ‬شعب‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬سكوت‭ ‬أو‭ ‬ضعف‭ ‬تجاه‭ ‬استباحة‭ ‬سيادة‭ ‬العراق‭ ‬وضياع‭ ‬هويته‭ ‬الوطنية‭ ‬وتبعية‭ ‬ساسته‭ ‬المعلنة‭ ‬والمستترة‭ ‬وتسليمه‭ ‬لمقدراته‭ ‬لقوى‭ ‬محلية‭ ‬تابعة‭ ‬واقليمية‭ ‬طامعة‭ ‬ودولية‭ ‬مستغلة،‭ ‬وحالة‭ ‬انقساماته‭ ‬وخيالية‭ ‬وحدته‭ ‬أرضاً‭ ‬وشعباً‭ ‬وتفتته‭ ‬بين‭ ‬طوائف‭ ‬مذهبية‭ ‬وعرقية،‭ ‬يدلل‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬خنوع‭ ‬وجهل‭ ‬لا‭ ‬يحسد‭ ‬عليها‭.‬كما‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬نهب‭ ‬خرافي‭ ‬لثرواته‭ ‬وسوء‭ ‬توزيع‭ ‬واستخدام‭ ‬للمتبقي‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬واقع‭ ‬فساد‭ ‬كبير‭ ‬ورشاوى‭ ‬شائعة‭ ‬بات‭ ‬اليوم‭ ‬يهدد‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬أخلاقية‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬العراق‭ ‬الضائع‭.‬أعود‭ ‬للتساؤل‭: ‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬بشعب‭ ‬العراق،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬أسبابه؟‭ ‬والى‭ ‬أين‭ ‬يتجه‭ ‬مصير‭ ‬ذلك‭ ‬الشعب؟ان‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬اليوم‭ ‬له‭ ‬حكاية‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬يوم‭ ‬أمس،‭ ‬وبالطبع‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬نصيب‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬سيحصل‭ ‬غداً‭.‬لم‭ ‬يتوفق‭ ‬النظام‭ ‬الوطني‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أحلامه‭ ‬التي‭ ‬ناضل‭ ‬من‭ ‬أجلها،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬ارتكبه‭ ‬من‭ ‬أخطاء،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬إنساني‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬معينة،‭ ‬وانما‭ ‬كذلك‭ ‬بفعل‭ ‬ما‭ ‬استجد‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬واقعية‭ ‬محلية‭ ‬واقليمية‭ ‬ودولية،‭ ‬بحق‭ ‬ودون‭ ‬وجه‭ ‬حق،‭ ‬ولم‭ ‬يتمكن‭ ‬ذلك‭ ‬النظام‭ ‬من‭ ‬التغلب‭ ‬عليها‭ ‬على‭ ‬درب‭ ‬اهدافه،‭ ‬أو‭ ‬التعايش‭ ‬معها،‭ ‬ليدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بوجوده‭ ‬وحياة‭ ‬قادته،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬وحياة‭ ‬وظروف‭ ‬عيش‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬ابناء‭ ‬شعبه‭.‬بيد‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬استلم‭ ‬سلطة‭ ‬البلاد‭ ‬التي‭ ‬جرى‭ ‬غزوها‭ ‬واحتلالها‭ ‬واسقاط‭ ‬نظامها‭ ‬السابق‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬لبناء‭ ‬وطن‭ ‬وتوحيد‭ ‬شعب،‭ ‬بل‭ ‬جاء‭ ‬ليثأر‭ ‬ويقتل‭ ‬وينهب‭ ‬ويسرق‭ ‬ويفرض‭ ‬نظرته‭ ‬وعقيدته‭ ‬الأحادية‭ ‬التابعة‭ ‬للحياة‭.‬ل

قد‭ ‬انقسم‭ ‬شعب‭ ‬العراق‭ ‬الى‭ ‬فئات‭ ‬متعددة‭:‬فئة‭ ‬تابعة‭ ‬تهيمن‭ ‬وتنهب،‭ ‬وفئة‭ ‬تتعايش‭ ‬وتستثري،‭ ‬وثالثة‭ ‬كبيرة‭ ‬تعودت‭ ‬الخنوع‭ ‬والجري‭ ‬نحو‭ ‬الوهم‭.‬

وهكذا‭ ‬تمضي‭ ‬أيام‭ ‬شعب‭ ‬العراق،‭ ‬في‭ ‬تخلف‭ ‬وجهل‭ ‬وابتزاز‭ ‬ووهم‭ ‬بشمس‭ ‬يوم‭ ‬غد‭ ‬مشرق‭!

ان‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬وعي‭ ‬وصحوة‭ ‬ضمير‭ ‬ووقفة‭ ‬كرامة‭! ‬ويعكسها‭ ‬سيبقى‭ ‬خانعاً‭ ‬جاهلاً‭ ‬لا‭ ‬يدري‭: ‬أ‭ ‬إلى‭ ‬شمال‭ ‬يجري،‭ ‬أم‭ ‬ان‭ ‬عليه‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬يمضي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى