مقالات

مصادر تمويل الفساد

الكاتب : لطيف دلو

يقال ان رجلا مريضا كان نائما على حصيرة بالية امام احد الجوامع اجتمعت عليه الذباب من راسه الى اخمص قدميه فراه احد المصلين الخارجين من الصلاة اخذته العاطفة فطرد الذباب المتراكمة عليه بحاشية رداءه فصرخ المريض عليه وقال ، ياليت تركتني بحالي ، فاستغرب الرجل منه وقال له لم يرض ضميري ان اتركك لتنهش الذباب جلدك ، فرد عليه المريض قائلا ان تلك الذباب اكتفت بالشبع واستراحت و حمتني من الجياعة الدائرة حولي لتنهش لحمي الى العظم ، و ما اصاب ذلك الرجل اصاب العراق نهشا الى العظم والنخاع دون اشباع او اكتفاء من الفاسدين 0

لا اعرف شيئا عن العصر الملكي الا القليل ولكن سمعت الكثير من المعمرين بان السلطة كانت نزيهة الى حد لايمكن مقارنته بالعصر الجمهوري اطلاقا لان جميع الشخصيات في السلطة من الطبقات المرموقة كانوا يخافون على سمعتهم وشهرتهم الا ما ندر ويخشون الاساءة اليهم ولو بكلمة مخدشة ما وكانوا يكتفون بمدخولاتهم الرسمية وصانوا اقتصاد البلاد والاحوال المعاشية لرعيتهم افضل من جميع دول المنطقة وسمعة الدولة في المراتب العليا انذاك ، ولكن اختلف الوضع في العصر الجمهوري ودخل الفساد مفاصل السلطة تدريجيا من نظام الى اخر ابتداءا بالرشاوي من صغار الموظفين صعودا الى الكبار خاصة اثناء الحصار الاقتصادي وانفلات السلطة في عهد النظام البائد اصبحت الرشوة علنا وبعلم كافة مسؤلي الدولة وكانت بسيطة لا تتعدى معيشة المرتشي وقلنا ان بعض الشر اهون0

ولکن بعد سقوط النظام البائد 2003 وتاسيس حكومة منتخبة في 2005 من قبل الشعب خلافا للتصور بدأ الفساد المقنن من الاعلى نزولا الى الادنى ، ابتداءا في رواتبهم ومخصصاتهم وامتيازاتهم اذ تعدت مدخولاتهم اضعاف x اضعاف مدخولات من بمؤهلاتهم في دوائر الدولة عدا الايفادات وقطع اراضي سكنية في ارقى المناطق وخلال اربع سنوات اصبحوا اثرى من رجال الاعمال في الدول الصناعية الكبرى وادخال السمسرة في شراء وبيع الاصوات والمناصب وكذلك تعيين المواطنين في دوائر الدولة يمر بنفس الحالة ، والغريب في الامر هذه التجاوزات تجرى علنا دون الخوف من قبضة القانون الذي اصبح كشبكة العنكبوت تصفد البسيط لمصاصي الدماء وتتلاشى بمجرد ملامسة الاقوياء ومن هذه البوابة انتعش الفساد 0

لقد بلغ السيل الزبي ، بعد اخفاق الحكومات المنتخبة واحدة تلوى الاخرى في ادارة شؤن البلاد في الخدمات الاساسية و تامين العيش الرغيد للمواطن واستغلال المناصب لمصالح شخصية وايصال البلاد الى حافة الهاوية وحشرها في قائمة الفساد الدولي واثقالها بديون طائلة ونزاعات طائفية احدثتها ولاءات لهذه الدولة او تلك ، قد حان الان الانصياع لمطالب الشعب ان يختار حكومة قادرة لصنع هوية وطنية تنضوي تحتها كافة المكونات هي السبيل الوحيد للقضاء على الفساد وتعيد للبلاد هيبتها السيادية والامن والاستقرار وان تكون من اولوياتها رفع الغبن عن الفقراء والمعيب في العراق الثري ان يكون مدخولات اشخاص من الدولة بالملايين شهريا ومواطنين يعيشون على مواقع الطمر الصحي نتيجة التهور وعدم المبالات في توزيع ثروات البلاد بما يرضي الضمير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى