مقالات

معلمو ذلك الزمان ومعلمو هذا الزمان

معلمو ذلك الزمان ومعلمو هذا الزمان: بقلم مهدي قاسم

مع شعور بأسى وحسرة ، بل و بمرارة أيضا ، يمكن ملاحظة الفارق الكبير بين معلمي ذلك الزمان و بين معلمي هذا الزمان العراقي الرديء و المتخلف البائس على كل صعيد وناحية ..اقصد بمعلمي ذلك الزمان تلك الفترات السابقة والتي كانت مزدهرة ثقافة وعلما ومعرفة ، ولا سيما منها فترة الستينات و السبعينات والثمانينات وما فوق والذين كان الكثير منهم يهتم بالتثقيف الذاتي ، طبعا إلى جانب الاهتمام بالتأهيل المهني المطلوب ، وذلك بغية تطوير القدرات الذهنية والفكرية التنويرية الذاتية ، تمهيدا وتأهيلا لخلق أجيال من ناشئة متعلمة ــمهنيا ــ حقا و مثقفة فعلا ثقافة موسعة ، لتشكّل صرحا علميا متينا لبناء وتشييد الوطن ، ضمن معايير ومتطلبات عصرية وحضارية متقدمة ، طبعا كل واحد حسب مجال اختصاصه وتعليمه المهني أو الحرفي ، سواء كان على صعيد البناء المعماري أو الهندسة المدنية والزراعية والطب والاقتصاد والطاقة وغير ذلك من مجالات أخرى كثيرة ومهمة .. لهذا فلم يكتف معلمو ذلك الزمان بالتثقيف الذاتي فقط ، إنما كانوا ينصحون طلابهم أيضا باقتناء الكتب و المطالعة ومشاهدة أفلام ومسرحيات هادفة ، ليكونوا بوتقة متوهجة من تثقيف ذاتي ، خاصة في فترات الاستراحة الطويلة ويرشدوهم نحو طريق العلوم والمعارف لتعميق وترسيخ النهضة التنويرية في أذهانهم لتكون مؤهلة و مواكبة لتطورات العصر السريعة و تقنياتها المبتكرة والمذهلة ،أي مساهما فيها وليس مستهلكا فقط .. هذا دو إن نضيف إلى أن كثيرا من أولئك المعلمين المثقفين والمتنورين كانوا كتّابا وشعراء ونقاد ومفكرين مخضرمين ، أو مثقفين كبارا كأضعف الإيمان ..أما معلمو هذا الزمان ــ طبعا هنا لا قصد التعميم على الجميع ــ فأن بعضا منهم يبدو من خلال أحاديثه ومنشوراته ومدوناته وكأنه قد أصبح إمام جامع أو روزخون !! ، لا شيء غير أدعية و أحاديث ذات صبغة دينية لهضم و حشو ذهني آلي مكرر ومعاد بملايين مرات ( وأحيانا بأخطاء لغوية فادحة ، فضلا عن تحولهم بعضهم الآخر إلى ما أشبه ما يكون برزنامة ولادات ووفيات !!.. وبعد كل هذا فهل نستغرب عندما يتخرج طلاب على أيدي هكذا معلمين ومدرسين ، وهم بالكاد يجيدون القراءة والكتابة ؟!..أو عندما يكتبون بصعوبة بالغة : ولاكن .. شكرن . لطفن . أنتي ..عفون .. ظربه .. حضرني ــ يقصد حظرني !!..طبعا أن هذه الأخطاء اللغوية والإملائية ــ الآنفة الذكر ــ هي مجرد غيض من فيض فحسب !..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى