تقارير وتحقيقات

معهد واشنطن: أسعار النفط العالمية تتراجع بسبب مواصلة بغداد الضخ بدعوى الحاجة المالية

اعتبر سايمون هندرسون في مقاله الذي نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ان منظمة البلدان المصدّرة للنفط” (“أوبك”) و بعد أن كانت يوماً الغول الذي أخافَ الاقتصادات الصناعية الغربية، قد فقدت القوة التي كانت تتمتع بها سابقاً. وهذه المنظمة التي تأسست قبل 60 عاماً، لم تعد تتصدّر عناوين الصفحات الأولى.إن الأسعار الحالية المنخفضة نسبيّاً، والتي تراجعت إلى ما دون 40 دولاراً للبرميل الأسبوع الماضي، تنبع جزئياً من الامتياز الذي مُنح للعراق، حين تمّ الاتفاق على تخفيض الإنتاج للفترة من أيار/مايو إلى تموز/يوليو وسُمِح لبغداد بمواصلة الضخ، بدعوى الحاجة الماليّة. وقضى الإتفاق بأن هذا الإنتاج الزائد ستعوّضه التخفيضات العراقية في أيلول/سبتمبر.حسناً، وماذا بعد؟ من المرجح أن يتم تمديد “فترة التعويض” إلى تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر. ومع ثبات باقي المتغيرات (أو بحسب العبارة اللاتينية “ceteris paribus”)، يبدو أنّ سعر النفط سيبقى ضعيفاً على الأرجح، رغم أنّ العبارة اللاتينية تحذّر ضمنيّاً من احتمال تدخُّل العوامل الأخرى. ويمكن القول إن العامل الأكثر أهمية هو التلميحات من الرياض التي دفعت إلى نشر مقالة “فاينانشيال تايمز” الأسبوع الماضي بعنوان، “السعودية تواصل الضخ رغم انخفاض أسعار النفط الخام”.لكن الآن يبرز مكوّنٌ جديدٌ قادرٌ على تفجير الوضع ويمكن البدء بأخذه في الاعتبار. فيوم الإثنين، استيقظ عالَم النفط على الأخبار التي أفادت بأن شركة الطاقة البريطانية العملاقة “بي بي” ومقرها لندن تتوقع احتمال بلوغ الطلب العالمي على النفط ذروته بحلول أوائل العقد الثالث من القرن الحالي. وسابقاً، كانت الحكمة المقبولة هي أنّ النفط سيظلّ الوقود المهيمن – على الغاز الطبيعي والفحم والنووي ومصادر الطاقة المتجددة – وصولاً إلى العقد الرابع من القرن الحالي. لكنّ التحول الاقتصادي الذي تسبب به فيروس كورونا قد غذّى التفضيلات “الخضراء” للمستهلكين التي فرضت خيارات سياسية مختلفة. فلم يحن الوقت تماماً للقول “وداعاً للوقود الأحفوري”، لكنها المسودة الأولى لورقة نعيه.هناك عامل آخر يجب أخذه بعين الاعتبار وهو تفكير دانيال يرجين، خبير النفط الذي نُشر كتابه في 15 أيلول/سبتمبر تحت عنوان “الخريطة الجديدة: الطاقة والمناخ وصراع الأمم أنّ عمالقة النفط مثل روسيا والسعودية سيجدون أنفسهم في علّة اقتصادية كبيرة ما لم يغيّروا اقتصاداتهم بسرعة. وستكون الصين، التي تشكّل حاليّاً مستورداً مهمّاً، المستفيد الأساسي من التوجه بعيداً عن النفط. فبالنسبة إليها، سيمثل الانتقال إلى السيارات الكهربائية توفيراً كبيراً في تكاليف استيراد النفط. بالإضافة إلى ذلك، تُعد الصين أكبر منتج للّيثيوم في العالَم، وهو مادة ضرورية لتصنيع السيارات الكهربائية – وبالتالي، فهي ميّزة أخرى للاقتصاد الصيني.أما الولايات المتحدة، فقد تواجه خطر البقاء عالقةً في الوسط. ومن المرجح أن تواصل أي إدارة أخرى لترامب سياسة دعم قطاع النفط والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، في حين ستشدد إدارة [مرشح الرئاسة الديمقراطي] جو بايدن على التحول السريع في اتجاه مصادر الطاقة المتجددة. ومن الناحية الجيوسياسية، سيتأخر الزوال الاقتصادي الاستراتيجي لروسيا والسعودية لـ “عقدٍ أو عقديْن من الزمن”. وفي غضون ذلك، من المحتمل أن يواجه إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة صعوبة في إيجاد الاستثمارات الجديدة التي تلزمه باستمرار في حين تبحث الأموال “الذكية” عن تحقيق العائدات من مصادر الطاقة المتجددةسايمون هندرسون هو زميل “بيكر” ومدير “برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة” في معهد واشنطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى