مقالات

مع محمد بن سلمان.. مقابلة أم حوار؟

فاتح عبدالسلام

منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬انخفضت‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬الندرة،‭ ‬الأحاديث‭ ‬الصحفية‭ ‬الطويلة‭ ‬والمعمقة‭ ‬التي‭ ‬يدلي‭ ‬بها‭ ‬الزعماء‭ ‬العرب‭ ‬الى‭ ‬وسائل‭ ‬اعلام‭ ‬مقروءة‭ ‬كالصحف‭ ‬والمجلات،‭ ‬التي‭ ‬بدورها‭ ‬أصبحت‭ ‬قليلة‭ ‬العدد،‭ ‬ومعظم‭ ‬المتوافر‭ ‬منها‭ ‬منكفىء‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬محدود‭ ‬داخل‭ ‬بلده،‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬الزعماء‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬عقدي‭ ‬السبعينات‭ ‬والثمانينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬كانوا‭ ‬يقبلون‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬رؤساء‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬العربية‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الواحد‭ ‬أو‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى،‭ ‬وكان‭ ‬الزعماء‭ ‬الراحلون‭ ‬حافظ‭ ‬الأسد‭ ‬وصدام‭ ‬حسين‭ ‬ومعمر‭ ‬القذافي‭ ‬وعلي‭ ‬عبدالله‭ ‬صالح‭ ‬وجعفر‭ ‬النميري‭ ‬وسليمان‭ ‬فرنجية‭ ‬والملك‭ ‬فهد‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬والملك‭ ‬حسين‭ ‬والملك‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬وآخرون،‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬دائم‭ ‬مع‭ ‬الصحافة‭ ‬العربية‭. ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬يقول‭ ‬ان‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬وجود،‭ ‬وانّ‭ ‬السبب‭ ‬يكمن‭ ‬هنا،‭ ‬ولا‭ ‬اتفق‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التفسير‭ ‬لأنّ‭ ‬الحوارات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬أيضا‭ ‬انخفضت‭ ‬اليوم‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬وأصبحت‭ ‬نادرة،‭ ‬ولكن‭ ‬هنا‭ ‬ينبغي‭ ‬ان‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬نوعية‭ ‬المحاور‭ ‬ايضاً‭.‬توقفت‭ ‬عند‭ ‬مقابلة‭ ‬أجرتها‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬مجلة‭ ‬ذا‭ ‬اتلانتيك‭ ‬مع‭ ‬الزعيم‭ ‬العربي‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬تنتظر‭ ‬الجواب‭ ‬غير‭ ‬المشرع‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬آخر‭. ‬فهي‭ ‬مقابلة‭ ‬وليس‭ ‬حواراً‭ ‬في‭ ‬روحها‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬قلت‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬لعلها‭ ‬نافذة‭ ‬تتجدد‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الحوارات‭ ‬مع‭ ‬الزعماء‭ ‬بمساحات‭ ‬مقروءة‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬المكتبات‭ ‬والملايين‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يطالعون‭ ‬الصحف‭ ‬في‭ ‬نسخها‭ ‬الورقية‭ ‬والالكترونية‭.‬المجلة‭ ‬الامريكية،‭ ‬لها‭ ‬اجندة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬موضوعات‭ ‬هي‭ ‬ذات‭ ‬الثوابت‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬النظرة‭ ‬السياسية‭ ‬الامريكية‭ ‬الى‭ ‬السعودية،‭ ‬وتتمحور‭ ‬عند‭ ‬قضية‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬يبالغ‭ ‬بها‭ ‬الغرب‭ ‬الى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬ينسى‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬انّ‭ ‬التمييز‭ ‬الوظيفي‭ ‬بين‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬ظاهرة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الغربية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تجاهل‭ ‬مكانة‭ ‬النساء‭ ‬لدى‭ ‬حكومات‭ ‬عربية‭ ‬كثيرة‭. ‬وهناك‭ ‬أيضاً‭ ‬قضايا‭ ‬الخلافات‭ ‬العربية،‭ ‬والإقليمية،‭ ‬وامدادات‭ ‬الطاقة،‭ ‬والتطرف‭ ‬والإسلام‭. ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬قضية‭ ‬أخرى‭ ‬تقريبا،‭ ‬يتحاور‭ ‬فيها‭ ‬الاعلام‭ ‬الأمريكي‭ ‬او‭ ‬الغربي‭ ‬مع‭ ‬الزعامات‭ ‬العربية‭.‬الحوار‭ ‬ليس‭ ‬عملية‭ ‬توجيه‭ ‬أسئلة‭ ‬معدة‭ ‬فقط،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬حوار‭.‬لا‭ ‬أنكر‭ ‬انّ‭ ‬الاعلام‭ ‬العربي‭ ‬ذاته،‭ ‬وأغلبه‭ ‬حكومي‭ ‬أو‭ ‬تابع،‭ ‬غير‭ ‬مؤهل‭ ‬في‭ ‬وضعه‭ ‬الحالي‭ ‬محاورة‭ ‬الزعيم‭ ‬العربي‭ ‬بما‭ ‬يمس‭ ‬القضايا‭ ‬النهضوية‭ ‬والاساسية‭ ‬الجريئة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬أي‭ ‬زعيم‭ ‬أو‭ ‬دولة‭. ‬وان‭ ‬المحاورين‭ ‬التلفزيونيين‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬الاساس‭ ‬مذيعون‭ ‬أو‭ ‬مقدمو‭ ‬برامج‭ ‬سياسية‭ ‬لبقون‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬وليسوا‭ ‬مفكرين‭ ‬وكتّاباً‭ ‬لهم‭ ‬جهدهم‭ ‬المعرفي‭ ‬الفاحص‭ ‬لمراحل‭ ‬سياسية‭ ‬معقدة‭ ‬طبعت‭ ‬البلاد‭ ‬العربية،‭ ‬ومعظمهم‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬زعيم‭ ‬عربي‭ ‬بوصفه‭ ‬اكتشافا‭ ‬للأفكار‭ ‬واماطة‭ ‬اللثام‭ ‬عنها‭ ‬بما‭ ‬يمثل‭ ‬اضاءة‭ ‬لأمّة‭ ‬مقهورة‭ ‬يكاد‭ ‬نصفها‭ ‬يفقد‭ ‬الأمل‭ ‬فيما‭ ‬يتمسك‭ ‬نصفها‭ ‬الآخر‭ ‬بأمل‭ ‬يتلقى‭ ‬الطعنات‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جانب‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى