مقالات

ملتقى الرافدين: جذور المعضلة ام مظاهرها؟؟

مازن صاحب

يعقد غدا ملتقى الرافدين للحوار في احد ابرز مظاهر الاهتمام الإقليمي والدولي بالحوار كنموذج للخروج من مازق الانسداد السياسي بعد مرور حوالي العام على اعلان نتائج الانتخابات التي أرادها قوى تشرين الاحتجاجية ” مبكرة ” وإذ اجد فيما يعلن عن مشاركة 300 شخصية محلية ودولية فضلا عن كبريات مراكز التفكير في اعمال هذا الملتقى ما يذهب الى معالجة جذور المعضلة السياسية في عراق الغد بدلا من تشريح مفردات الانسداد في الماضي القريب منه والبعيد، ومن وجهة نظر متواضعة ، ان الأخطاء ليست في نموذج الاحتلال الأمريكي الفج لعراق اليوم ، لان هذا الاحتلال انما جاء على خلفية اتفاقات سياسية في مؤتمر لندن عام 2002 برعاية زلماي خليل زاده عن نوع نظام الحكم اضيف له كتابة قانون الدولة الانتقالي في عهد مجلس الحكم وما جرى في ذلك الاتفاق على ان ثوابت الدين الإسلامي ومبادئ الديمقراطية ومواثيق حقوق الانسان مصادر أساسية للتشريع ، لكن القوى الحزبية الذي اتفقت على ذلك النص اختلفت على طبيعية تطبيقاته ، هكذا اختلفت تطبيقات نظام المحاصصة على تعريف واحد للـ ” العدو” في منظور الامن الوطني العراقي، وبالتالي الاختلاف على تحديد مفهوم السلاح المنلفت ما بين سلاح ” المقاومة الإسلامية ” او سلاح العشائر التي تدعم هذا الحزب او ذاك بل ظهرت تطبيقات ما يعرف بمجالس الاسناد لتمويل العشائر بالسلاح ،فضلا عن تطبيقات اللجان الاقتصادية التي حولت ريع النفط من نظام استثماري لبناء عراق جديد الى بناء “مستعمرات اقتصادية حزبية” ، عجلت بظهور شرائح مجتمعية انتهازية تهتف لمن يدفع اكثر، بل حتى الكثير من المنظمات الإعلامية والمجتمع المدني تصطف في موسم الانتخابات عند أبواب من يدفع اكثر، ولان كل جرة تكسر في تجاوز روح الدستور العراقي بلا محاسبة حقيقية من واجبات مجلس النواب او القضاء العراقي الذي ما زال يعجز امام عدم توفر النصوص القانونية التي تحاسب مجلس النواب على تجاوز المهل الدستورية على اقل تقدير، وعدم انسجام احكام القانون العراقي مع احكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد .كل هذا وغيره الكثير مما يمكن ان يكون ضمن محاور اهتمام اعمال ملتقى الرافدين غدا، يطرح السؤال المركزي، هل جاء ذلك في سياق أخطاء التأسيس الدستورية فقط، ام في إطار اخطار تأسيس الأحزاب العراقية المتصدية للمعارضة في الامس القريب والمتصدية لسلطان حكم مفاسد المحاصصة اليوم؟؟من وجهة نظر متواضعة ، كل ذلك نتيجة أخطاء تأسيس أحزاب المعارضة التي استمرت في ذات المنهج الذي كانت عليه ولم تنتقل الى أحزاب بناء دولة مدنية عصرية جديدة ، لذلك ظهرت خطوط الانقسامات بين المكونات ولم تظهر أحزابا عراقية بروية عراق واحد وطن الجميع ، وحتى تلك التي استمسكت بعروة المكون لم تتفق على رؤية جديدة ما بعد التغيير ، فما زالت البيشمركة 70و80 منفصلة الإدارة ، والاخضر والاصفر لكل منهم رؤيته التي تتفق وقت التفاوض مع الحكومة الاتحادية التي يطلق عليها تسمية “العراق” مقابل حقوق المكون الكردي، وذات الموضوع لرؤية القوى السنية التي اتهمت بشتى النعوت والاتهامات حتى تجلس على طاولة التفاوض لتشكيل الحكومة فتأخذ حصتها من كعكة السلطة وتغيب تلك المسمات والنعوت الفجة والبشعة اليت اعتاد عليها وعاظ مفاسد الأحزاب الشيعية ، بان هذا” راعي غنم” او ذاك عميل لدولة قطر او الامارات ،وذات الشيء يظهر في موضوع الإصلاح السياسي للتيار الصدري الذي لم يظهر في برنامج وطني قادرا على الهام الجميع نحو التصحيح المفترض وبقى يدور في إدارة ” الكصوصة ” وشخص السيد مقتدى الصدر وجمهوره المطيع لقرارته مهما كان نوعها ، لذلك ثمة حالة تتجدد في نوع الانغماس الذي دعا اليه السيد محمد باقر الصدر مع ايران الخميني كما انغمس في الإسلام ، هذا الانغماس ولد دفعات متوالية من سلطة ولاية الفقيه على أحزاب المعارضة الشيعية في المأوى الإيراني ما قبل 2003 وتواصل ما بعده حتى بات الحديث عن النفوذ الإيراني “فقاعة تتجدد” مقارنة بنموذج فج مقابل للنفوذ التركي الذي تنتشر قواته في الأراضي العراقية ويلتقي مدير مخابراته بقيادات أحزاب عراقية لتوجيهها نحو أي تحالف تذهب اليه أسوأ بكثير من النموذج الإيراني ، وما بين كلا النموذجين ، اجتمعت سفيرة الولايات المتحدة في العراق مؤخرا بسفراء الاتحاد الأوربي لمناقشة مستقبل الاستثمارات في العراق، هذه المهمة المفترض ان يقوم بها رئيس الوزراء العراقي وليس سفيرة واشنطن في بغداد ، فضلا عن ذلك الاتفاق الذي وقعته مساعدة وزير الدفاع الأمريكي مع حكومة الإقليم لدعم قوات البيشمركة، وهو اتفاق امني سيادي يتطلب موافقة مجلس النواب الاتحادي المعطل عن العمل . كل ذلك يؤكد ان مهمة ملتقى الرافدين للحوار ليست بالمهمة السهلة وتحتاج الوقوف عند حقيقة الأسباب وجذور المعضلة العراقية من دون ذلك سيذهب وقت المشاركين سدى في البحث عن ظواهر المعضلة من دون جراحة علاجها ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى