مقالات

ملعقة من السم لقتل الضمير

نوزاد حسن

هناك اشياء يتمناها ان تحدث لكنها لا تحدث.مثلا كنت اتمنى ان لا تنتهي تجربة الحكم في العراق بهذا الشكل,وكنت اتمنى لو صدام حسين كان اقل احساسا بذاته,ولم يهاجم الكويت في اب 1990. وكنت احلم ان هذه القوى السياسية بكل مسمياتها اتفقت على صناعة بلد دمرته الحروب.كنت اتساءل دائما هل سيظهر عندنا مهاتير محمد بنسخة عراقية يغير المعادلة ويقلب الطاولة على من يجلس حولها دون ان يخشى احدا.؟ عشرات الامنيات والاحلام تراود ابن الوطن المسكين الحالم بحياة افضل وهو يعيش في بلد غني فيه من الامكانيات ما فيه.ومع كل هذا الثراء فان الشعور بالفقر هو حالة تلازم الجميع.ان رجال السياسة افسدوا كل شيء على الاطلاق.وانا اعتقد ان السياسيين جعلوا الكثيرين يفكرون بروح الانا,وما ان يصل الانسان الى منصب بسيط حتى تتفتح عنده شهوة السرقة خوفا من مغادرة المنصب دون غنيمته التي يفكر كيف يحصل عليها. هناك توتر في داخل كل شخص يصل الى المنصب.انا اسمي هذا التوتر بثورة قتل الضمير تحت جلد المسؤول.ومن السهل جدا ان يقتل الانسان ضميره.يحتاج الانسان الى ملعقة من سم سهل التحضير.قليل من مراقبة ثراء الفاسدين في السلطة,وخداع الذات بان المال المسروق ليس حراما.هذه هي خلطة تدمير الضمائر الفعالة. لنلاحظ قوة الفساد واتساع رقعة دخانه القاتلة.هل ما يجري عندنا هو شيء طبيعي؟احيب كلا.فهناك حالة تسمم كبيرة تسهم الشهوة السوداء في انتشارها.لذا نجد كلاما كثيرا يقال ولجانا تشكل ومديحا لانجازات على الورق دون ان نحصد شيئا على ارض الواقع. كانت امنيتي الكبيرة لو ان الفساد كان ظاهرة طبيعية.مثلا كنت اود لو ان الفساد يتحول الى اعصار سنوي يضرب العراق في وقت محدد,ونتجهز له ثم ينتهي.الاعصار حالة طبيعية تاتيك في موعدها وقد تنجو منها.والفساد ليس كذلك.ذلك لان الانسان حين يصبح فاسدا فهذا يعني بانه غير من فطرته الالهية.هذا يعني ايضا انه سمم ضميره بمنطق اللص المقنع.ما هو منطق اللص.؟انه يبدأ هكذا وهو يهمس في اذن الموظف النزيه.يقول اللص للنزيه:فكر بعائلتك ومستقبلك,انت عندك بيت عندك سيارة,غدا تحال على التقاعد,ما هو مصير اولادك.الاموال في النهاية ستسرق لان الفساد نصب سيطرات وعيون تراقب كل دينار.فكر جيدا.اذا لم تأخذ المال فسيسرق في الخطوة التالية.هذا الكلام هو نفث يومي يقوله الفاسد لكل نزيه يرفض المال العام.انه لغة جديدة جريئة تريد ان تسمم الضمير وتقتله.وتبقى امنيتي لو ان الفساد تحول الى ظاهرة طبيعية لاستطعنا مواجهته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى