مقالات

من المسؤول عن ارتفاع أسعار الصرف في الأسواق ؟!

باسل عباس خضير

تواصل أسعار صرف الدولار مقابل الدينار العراقي بارتفاعها في أسواق البورصة الرئيسية والأسواق المحلية ، وسجلت بورصة الكفاح ( يوم الأحد 13 ك1 2020 ) 126,9 ألف دينار مقابل 100 دولار وفي محلات الصيرفة بلغ سعر البيع 127,250 ألف دينار ، وهو ارتفاع بدا منذ أكثر من شهر ولم تتم السيطرة عليه رغم إن نافذة بيع العملة في البنك المركزي العراقي لم تتوقف وتبيع بحدود 200 مليون دولار في جلساتها اليومية للتحويلات الخارجية وشركات الصيرفة ، وهذه المبيعات هي أكثر من قيمة الإيرادات اليومية لنفط حتى وان وصل سعر البرميل لأكثر من 50 دولار ، والغريب إن التداول بالدولار بهذه الأسعار وما متوقع منها من ارتفاع يجري بمرآى ومسمع الأجهزة المعنية رغم إن سعر بيع الدولار لشركات الصيرفة يتم ب 1190 دينار وان التعليمات تقضي بوجوب الالتزام بأسعار يجب أن لا تتعدى 1200 دينار لكل دولار ، بمعنى إن الأسعار الحالية تشكل مخالفات لا تختلف عن غيرها من مظاهر التجاوز ولكنها تعامل بنعومة وغيرها التي ربما تخص الباحثين عن العيش الحلال تعامل بالتعنيف ، مما يعني وجوب إيقافها ومحاسبة المسؤولين عنها من خلال البنك المركزي وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية والقضائية ، لان الآثار المترتبة عن هذه المخالفات تترتب عنها انعكاسات اقرب للتخريب الاقتصادي ، حيث ترتفع أسعار السلع والخدمات لحدود تزيد عن الارتفاع بسعر الصرف ، والمتضررون هم المواطنون من أصحاب الدخول المنخفضة او معدومي الدخل والذين يزداد عددهم يوما بعد يوم ، كما إن من الانعكاسات الأخرى العزوف عن الادخار المصرفي وإقبال مودعي الدينار على سحب إيداعاتهم من المصارف الحكومية والأهلية مما يعرضها للإحراج والعجز لان هناك الكثير منها ذهبت للإقراض الحكومي .وبعيدا عن تسمية المستفيدين من هذه المضاربات ، لأنهم باتوا معروفين لدى الجميع ولا تقوى الدولة على مواجهتهم بالشكل المطلوب ، فان هناك ثلاثة أسباب تقف وراء هذا الارتفاع أولها الغموض الذي يرافق إعداد الموازنة الاتحادية لسنة 2021 ، والتناقض بين تصريحات المسؤولين فمنهم من يقول إن الحكومة ستغير أسعار صرف الدولار وهي تنسق مع البنك الدولي بهذا الخصوص ، والبعض يقول إن أسعار الصرف خطا احمر لا يمكن تجاوزه لأنه يتعلق بالقدرات الشرائية للمواطنين وبعضهم يقول إن هناك نوايا لتعويم أسعار الصرف ، والمشكلة إن هذه التصريحات التي تخرج بصيغة تحليلات او توقعات يطلقها مسئولون في الحكومة او أعضاء في مجلس النواب او اللجنة المالية للبرلمان ، والسبب الثاني أن السلوك المالي والاقتصادي للحكومة الحالية غير واضح ويكتنفه الكثير من الغموض فالأدوات التي استخدمتها في معالجات العجز في الإيرادات هي من خلال الاقتراض الداخلي والخارجي وتضخيم المديونية وقد اختصرت خطواتها التالية بالورقة البيضاء التي تلوح بها والتي يراها البعض بأنها عبارة عن تحميل المواطن مزيدا من الأعباء ، أما السبب الثالث هو شعور المواطن بخيبة أمل بخصوص نتائج معالجة الفساد واسترداد الأموال المسروقة وعدم تلمس إجراءات فاعلة لمعالجة المشكلات الاقتصادية والتي تتعلق بتشغيل القطاعات الاقتصادية العاطلة والمعطلة لزيادة الناتج المحلي من غير مبيعات النفط ، فما يطرح هي قرارات مقترحة لزيادة الضرائب والرسوم وتقليل مخصصات الموظفين والتلويح للقضاء على مظاهر الفساد والهدر في الإنفاق دون ذكر التفاصيل التي تثلج الصدور . والمضحك المحزن في موضوع ارتفاع أسعار الصرف هو إن البعض يلقي باللوم على المواطن ، حيث يقولون إن هناك إقبالا متزايدا على اكتناز الدولار لان الطلب يزداد رغم انخفاض السفر للخارج بسبب جائحة كورونا ، وكأن المواطن يشتري من السوق السوداء وليس علنا جهارا من الكفاح والحارثية في بغداد ومن مكاتب الصيرفة المنتشرة في أنحاء البلاد ، وهذا تعبير عن العجز في المواجهة وكأن هناك إرادة لزيادة أسعار الصرف لتحويلها إلى أمر واقع فيما بعد ، وهو توجه ظالم وغير صائب لان من اكبر الأخطاء التي يمكن أن ترتكب هي بتغيير أسعار الصرف ، لان لذلك ثمنا باهضا يدفعه غالبية الشعب ممن يعانون الفقر والعوز والفاقة كونه سيؤدي لزيادة جميع أسعار السلع والخدمات الأساسية بما فيها المواد الغذائية التي تدخل في معيشة السكان ، فزيادة أسعار الصرف بإصدار قرار من الدولة يعد إجراءا يجاري ويجامل المخالفين وهو غير مناسب في الوقت الحالي لأنه ممكن وضروري عند وجود منتج محلي قابل لتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي كإحدى سياسات حماية المنتج المحلي لتقليل الاستيراد وليس في ظل الصعوبات التي تواجه الدولة في السيطرة على المنافذ الحدودية في البر والبحر والجو ، وإذا كانت الدولة تعي خطورة اتخاذ قرار حالي بتغيير أسعار الصرف ولا تنويه حاليا فمن واجبها الخروج للجمهور وإعلامهم ببطلان الادعاءات بهذا الخصوص ، وهذا الموضوع لا يستدعي جهدا كبيرا لأنه يستطيع أن يؤديه احد الناطقين الرسميين ، كما إن من الواجب تفعيل وتنشيط العمل المصرفي وتخليصه من التصريحات المخيبة للآمال ومنها البشرى السارة التي أطلقت بفتح حسابات للتوفير بفائدة 4% في مصرف الرافدين و3,5% في مصرف الرشيد ، لان هذه الفوائد ذاتها المعمول بها منذ عشرة سنوات ولم يحصل فيها أي تغيير .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى