مقالات

موازنة 2020 توثيق لفشل الأداء الحكومي

بقلم:باسل عباس خضير

أقر مجلس الوزراء العراقي الاثنين (14 أيلول 2020) مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2020 وسيحيلها إلى مجلس النواب استناداً إلى أحكام المادتين ( 61/ البند أولا و 80/ البند ثانيا ) من الدستور، وأكثر طموح تضمنته هذه الموازنة هو توفير رواتب ( الموظفين ) للأشهر الثلاثة المتبقية من العام الحالي فمن المؤمل أن تزيل المخاوف من وجود أزمة أو عجز في تسديد هذا الموضوع الذي تضعه الحكومة في مقدمة الالتزامات ، وبحسب تسريبات لمشروع قانون الموازنة فإن حجم النفقات يقدر بمبلغ 148 تريليون دينار، مقابل إيرادات تقدر ب 67 تريليون دينار ، وقُدِّر سعر برميل النفط فيها بـ(40.51) دولاراً ما يعني أن العجز يصل إلى 81 تريليون دينار، وبموجب الطروحات الأكاديمية والأعراف الدستورية فان الموازنة فقدت اغلب معانيها وأهدافها لأنها أعدت بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على بداية السنة المالية التي تبدأ في العراق في 1/1 من كل سنة ميلادية ، مما يعني تحولها من أداة تخطيطية لإدارة الفعاليات وتحقيق البرامج والفعاليات والأهداف إلى أداة توثيقية هدفها الأساس توفير الغطاء القانوني لتدبير العجز من خلال الاقتراض الداخلي والخارجي من دون الحاجة للرجوع لمجلس النواب لعدة لمرات كما حصل قبل أسابيع عندما تقدمت الحكومة بمشروع قانون لمجلس النواب لغرض الاقتراض لتغطية عجز النفقات التي لا يمكن تغطيتها بإيرادات تصدير النفط ، كما تعد هذه الموازنة اعترافا بالفشل الحكومي الموروث ( السابق والحالي ) في توفير إيرادات مجزية ساندة لإيرادات النفط لغرض تغطية النفقات ، وان ذلك من شانه إن يرفع من حجم المديونية التي سترتفع إلى أرقام غير مسبوقة ، فحسب تصريح المستشار مظهر محمد صالح الذي يتطابق مع تصريحات وزير المالية الحالي فان المجموع الحالي للديون الداخلية والخارجية هو 134 مليار دولار .

وإذا كان البعض يعتقد بان إصدار موازنة 2020 خلال الثلاثة ألأشهر الأخيرة من السنة المالية هو أفضل من البقاء بدون موازنة كما حصل عام 2014 ، او أن إصدارها يشير إلى نوع من الجرأة في الاعتراف بالفشل في توفير نفقات اغلبها تشغيلية ، فان وجهة النظر المقابلة تتساءل عن الطريقة التي ستلجأ إليها الحكومة في خدمة وتسديد القروض كونها التزامات واجبة الدفع في آجالها المحددة ، سيما وان الحكومة الحالية ستنتهي مدتها عند إجراء الانتخابات المقترح إجرائها في 6 حزيران من العام القادم ، في وقت لم تتخذ إجراءات فاعلة وملموسة لتفعيل قطاعات الاقتصاد وزيادة الإيرادات غير النفطية لان اغلب الاصلاحات التي تعلن عنها الحكومة الحالية لم تحدد مواعيد معينة لإنتاج الإيرادات كما إنها لم تبشر سوى بزيادة إيرادات بعض المنافذ الحدودية ، فاغلبها تركز على جوانب محددة ولم تتضمن التغيير الاقتصادي الشامل كتشغيل قطاعات ( العام ، المختلط ، الخاص ) ، مع الأخذ بنظر الاعتبار بان الإحداث التي يشهدها العالم بسبب جائحة كورونا لا يشير إلى قفزات في الطلب على النفط وزيادة الأسعار بمستويات تثلج صدور المنتجين ، كما يتساءل البعض إذا كانت موازنة 2020 لم تقر إلا اليوم فمتى سيتم إعداد وإقرار موازنة 2021 وهل سيتكرر الاعتماد على القروض لتغطية النفقات ومواجهة العجز في الإيرادات ، من جانب آخر فان تخوفات المواطن تزداد يوما بعد يوم من تفاقم الديون وعدم القدرة على السداد والذي قد يدفع الحكومات ( القادمة ) على اتخاذ قرارات موجعة كتخفيض الرواتب او التغيير في أسعار صرف الدولار كما يحصل في العديد من البلدان مما يؤدي إلى زيادة العجز في تقديم الخدمات ، وهو أمر ينذر بالعديد من التداعيات الذي يحتاج الى حكومة قادرة على المعالجة الجذرية للازمات وهي حكومة لم تظهر بوادرها لحد اليوم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى