السياسية

موازنة 2021.. رواتب عديمة القيمة وإجراءات غير شعبية أخرى

بعدما واجه العراقيون سنة حافلة بالتحديات الاقتصادية على مدى عام، تزداد المخاوف من ازدياد الأمور سوءا بعد تقديم مشروع موازنة لعام 2021 تركز على التقشف ما قد يعرض العراقيين ضغوطات أكبر العام المقبل.


ويقول مسؤولون عراقيون عملوا على إعداد مشروع القانون لوكالة فرانس برس، إن هدفهم هو “الصمود” بعد أزمة مالية غير مسبوقة ناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد وانهيار أسعار النفط الذي يعول العراق على مبيعاته لتمويل 90 بالمئة من ميزانيته.
من المتوقع أن تنهي بغداد هذا العام المضطرب مع تقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11 في المئة، وارتفاع معدل الفقر إلى 40 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 40 مليون نسمة.
وتشكل مجموعة من الإجراءات المدرجة في مسودة ميزانية 2021، التي عرضت أمس الخميس قبل جلسة استثنائية لمجلس الوزراء في نهاية الأسبوع لمناقشتها، هي محاولة لإيجاد حلول.
وفي مقدمها، تخفيض قيمة العملة الرسمية من 1190 دينارا عراقيا في مقابل الدولار الأميركي إلى 1450 دينار، وهي أول إجراء من هذا النوع منذ نصف عقد.
وقال مسؤول عراقي لوكالة فرانس برس عندما كان يجري إعداد المسودة “نحاول تخفيف الضغط على فاتورة رواتب القطاع العام، وهي أكبر نفقاتنا”.
والقطاع العام هو أكبر صاحب عمل في العراق مع نحو أربعة ملايين موظف، بالإضافة إلى ثلاثة ملايين متقاعد ومليون شخص يتقاضون مرتبات الرعاية الاجتماعية.
وقال المسؤول “إذا دفعنا الرواتب لموظفينا بالدينار الذي أصبحت قيمته الآن أقل بنحو 25 في المئة، يمكننا تقويض العجز المالي وتوزيع هذه الأموال بشكل أكبر”.
يبدو أن الأسواق توجست منذ الأسبوع الماضي بالتخفيض المقبل حتى قبل التسريب المفاجئ للمسودة الخميس. وارتفع السعر غير الرسمي في مكاتب الصرافة في جميع أنحاء البلاد من حوالي 1240 دينارا عراقيا للدولار إلى 1300 دينار عراقي.

رواتب عديمة القيمة
ويشعر موظفو القطاع العام بالغضب حيال هذا الإجراء. ويقول محمد ، وهو طبيب في جناح مخصص لمرضى كوفيد-19 في بغداد، رفض ذكر اسمه الكامل حتى يتمكن من التحدث بحرية “رواتبنا ستكون بدون أي قيمة”.
وتأخر موظفو الدولة في الحصول على رواتبهم في أكتوبر ونوفمبر لفترة طويلة، مما أدى إلى التأثير سلبا على قدرتهم الشرائية ونفاذ صبرهم.
ويؤكد محمد لوكالة فرانس برس “أنا متوتر من مشاهدة ارتفاع السعر وأنا غاضب من الحكومة”.
ويقول الخبير الاقتصادي العراقي علي المولوي لوكالة فرانس برس، إنه في مرحلة تشهد ركودا في الاقتصاد على مستوى العالم، خفض قيمة العملة “قد يضر أكثر مما ينفع”.
ويضيف “نعم، الحكومة يائسة وليس لديها خيارات أخرى. لكن ما يقلقني هو أنها ستضر الفقراء أكثر من خلال تقليص قوتهم الشرائية”.
ألمح مسؤولون عراقيون لوكالة فرانس برس إلى احتمال حدوث تخفيض كبير آخر في قيمة العملة العام المقبل ليصل سعر الصرف إلى 1600 دينار عراقي لكل دولار، بعد ضغوط من صندوق النقد الدولي.
حتى ذلك الحين، سيتم أيضا تقليص رواتب موظفي القطاع العام بفرض ضريبة دخل جديدة بنسبة 15 في المئة للموظفين من الدرجتي المتوسطة والعليا.
كذلك تخطط الحكومة لزيادة تعرفة الكهرباء لإجبار المواطنين على دفع المزيد في مقابل الكهرباء التي توفرها الدولة.
وتأمل خطة الموازنة في تحقيق إيرادات غير نفطية بقيمة 18 تريليون في العام 2021، مقارنة بـ11 تريليونا في ميزانية 2019. وتتوقع أن تصل الإيرادات النفطية إلى 73 تريليون أي أقل بـ20 تريليون من العام 2019.
لم يقر العراق موازنة 2020 بسبب التوترات السياسية. ويرجع الانخفاض في أرباح النفط المتوقعة إلى توقعات ميزانية 2021 بأن العراق سيبيع كل برميل بسعر 42 دولارًا، وهو أقل من أسعار سوق الخام الحالية وأقل بكثير من سعر 56 دولارًا للبرميل في موازنة 2019.
واعتمدت في 2019 واحدة من أكبر ميزانيات الإنفاق في العراق على الإطلاق حيث بلغت 133 تريليون دينار عراقي، لكن العام 2021 تجاوزها، مع 150 تريليون دينار عراقي في الإنفاق المتوقع.

“قرارات غير شعبية”
ودعت اللجنة المالية في مجلس النواب إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة تخفيض قيمة العملة. وهذا يعني أن الخلاف السياسي والفني بشأن وثيقة التمويل سيبدأ في وقت أبكر بكثير مما توقعه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ووزير ماليته علي علاوي.
وقد واجه كلاهما بالفعل معارضة شرسة من البرلمان بشأن إصلاحات أصغر مقترحة هذا الصيف.
ويقول المولوي إن “إجراء إصلاحات اقتصادية كبرى عندما تكون لديك انتخابات قريبة ليس بالأمر المثالي على الإطلاق لأي حكومة في أي بلد. إنه يقوض حقا رغبة الحكومة في اتخاذ قرارات غير شعبية”.
وتجرى انتخابات تشريعية في العراق في يونيو المقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى