مقالات

نحو مشروع وطني لحاضنات الاعمال

مازن صاحب

ما بين الاقوال والافعال ثمة فجوة تحولت بفعل سنوات عجاف مضت الى هاوية عميقة مطلوب من اهل الحل والعقد في العملية ردمها، تلك هي اقوال البرنامج الحكومي التي تفشل في أفعال تنشيط القطاع الخاص وتوليد الاعمال، مما جعل ساحات التظاهر تحتشد بالخريجين العاطلين عن العمل تطالب بالتعيين الحكومي في نظام اداري مترهل، فضلا عن تزايد مخاطر الأسوأ في انخفاض أسعار النفط وعدم الاستعداد لمرحلة بلا ريع نفطي، وما تسبب من مخاطر نتيجة جائحة كورونا، والسؤال كيف يمكن توليد الاعمال في القطاع الخاص؟

لست بصدد الإجابة النظرية عن هذا السؤال التي ربما تذهب بنا الى شروحات فكرية من مدراس اقتصادية مختلفة ولكني علينا ان نعمل على تحليل الحالة في ظرفها الحالي والمنظور والمستقبلي بحثا عن تطبيقات مطلوبة لإنجاز الهدف المنشود في توليد الاعمال من خلال القطاع الخاص وهذا يتمثل في:

أولا: اعتماد رسمي من مجلس النواب العراقي والجهات ذات العلاقة في اللجنة الاقتصادية الوزارية نظام السوق الاجتماعي المفتوح ، كمنظور اقتصادي في رسم الخطط التنموية ومثل هذا القرار لا يحتاج الى تعديل في الدستور العراقي من الصعوبة بمكان التوصل الى اتفاق حوله .

ثانيا: ترجمة نماذج تطبيقية من اقتصاد السوق الاجتماعي المفتوح من خلال موديل اقتصادي متعارف عليه في اليات تحويل الأنشطة التجارية الفاشلة او الخاسرة وإعادة ادارتها من نظام التمويل العام عبر الموازنة الحكومية الى نظام اخر يطلق عليه ” الإدارة برأسمالية الدولة ” وهذا يعني بكلمات بسيطة تحويل الشركات العامة التي تمول برواتب من دون انتاج الى نظام شركات تكون الدولة صاحبة راس المال، وتضع أهدافا إنتاجية تسمح لإدارة هذه المنشآت والمعامل الفاشلة الشراكة مع القطاع الخاص بنموذج الإدارة المختلطة او القطاع التعاوني بالاقتراض من البنوك الحكومية او الاهلية لتحقيق الإنتاج المطلوب.

ثالثا: لان كل من النقطتين الأولى والثانية بحاجة الى نموذج متجدد في تجسير الفجوة بين الاقوال والافعال ، لابد من مشروع وطني لحاضنات الاعمال حيث صرفت مليارات الدولات على تشجيع القطاع الخاص وانتهت الى مشاريع فردية تنحصر بشراء سيارة اجرة او فتح دكان صغير لخدمات ما بعد البيع وعلى احسن الأحوال فتح مخبرا حتى انتشرت هذه المحلات بكثرة في مختلف التجمعات التسويقية من دون أي تخطيط عمراني لإدارة الإنتاج الوطني بما يؤكد مفاسد التخطيط غير القادرة على وضع ما يرسم من خطط على الورق الى مشاريع على ارض الواقع .

رابعا: حتى يكون هذا المشروع وطنيا قولا وفعلا ، يتطلب ان ينبري المتصدرون للمطالبة بدور اكبر للقطاع الخاص في المساهمة الواعية والجادة في وضع اللبنات الأساسية له وعدم انتظار دولة اثقلت بمفاسد المحاصصة والترهل الوظيفي، وتحشيد مناصرة مجتمعية لفهم نظام اقتصاد السوق الاجتماعي، والفوائد التي يمكن ان تجعل المتظاهرين من اجل وظيفة حكومية امام فرص عمل في مشاريع تضامنية يخطط لان تكون شركات عراقية مساهمة يتداول أسهمها في سوق الأوراق المالية العراقي .

خامسا: لا اعتقد ان من انتهج مفاسد المحاصصة كمنهاج لعمل الدولة قادرا على مغادرة غنائم القطاع العام لتمويل اللجان الاقتصادية للأحزاب ، لكن على من يريد الإصلاح والتغيير في النظام السياسي العراقي ان يبدأ في توليد فرص العمل من خلال هكذا مشروع وطني ، ليكون الاقتصاد أساس الولاء للدولة وليس الاجندات الحزبية ، وفتح أبواب العمل ثم الاستثمار الداخلي والخارجي لعل وعسى يتجه المتظاهرون من ساحات التحرير الى ساحات العمل ولله في خلقه شؤون!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى