تقارير وتحقيقات

هل تنجح إقالات الكاظمي في حفظ الأمن العراقي؟

وصف مراقبون تغييرات رئيس الوزراء بـ “الشكلية” وأكدوا أنه “أجبر على أسماء القادة الجدد”.


دفع الهجوم الانتحاري الذي استهدف سوقاً شعبية في ساحة الطيران وسط بغداد، مسفراً عن 32 قتيلاً و130 مصاباً، بحسب إحصاءات رسمية، رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى “إجراء تغييرات أمنية”، صبت في العصب الأساسي للقوات المسلحة بمختلف صنوفها.


وبرر الكاظمي، خلال اجتماع رأسه الجمعة، وهو الثاني لمجلس الأمن الوطني العراقي بعد الهجوم، إقالاته بأنها تهدف إلى “وضع خطة أمنية شاملة وفاعلة لمواجهة التحديات المقبلة”. معتبراً أن “تغيير القادة لا يعني التقليل من قيمتهم خلال المراحل السابقة”، بل “تأكيداً لضرورة التزام التعليمات العسكرية من القيادات العليا في اختيار المناصب”.


لكن، كيف يرى متابعو الشأن العراقي تغييرات الكاظمي؟ وهل ستترك أثراً إيجابياً على الواقع الأمني في البلاد؟ أم أنها محاولة لامتصاص غضب الشارع؟ “اندبندنت عربية” طرحت تساؤلات ما بعد التفجير على متخصصين أمنيين، فكانت إجاباتهم.
لن تفعل شيئاً


ثمة شبه إجماع من متخصصين في الملف الأمني العراقي على أن التغييرات “لا تعدو كونها شكلية”. مؤكدين أنها “لن تؤثر بشكل واسع في تحسين واقع البلاد”.
بلهجة حاسمة يقول مؤيد الجحيشي، “القيادات الجديدة لن تستطيع فعل شيء جديد. بل قد يتعقد الوضع الأمني”. مبرراً وجهة نظره بأنهم “ينتمون إلى المنظومة الأمنية نفسها”، لافتاً إلى أن الكاظمي “لم يجلب شخصية في مكانها المناسب”.
ويوضح، “رئيس الوزراء لم يأتِ بأسماء يمكن الاعتماد عليها، لنقول إنهم سيقدمون ما نريده، لا سيما أن المنظومة التي بُنيت عليها الدولة بعد 2003 عاجزة عن أن تقدم شيئاً، بسبب الفساد المتغلغل وشراء المناصب وتحكم الدول بالعراق ومناصبه”.
ويرى الجحيشي، أن اختيار المناصب الجديدة جاء “بضغط من الأحزاب، لأنها جميعاً محكومة بالمحاصصة”. مؤكداً “هذه الأسماء رُفعت بقائمة إلى الكاظمي”.
قرارات مهمة ولكن


أما سرمد البياتي، فيعتقد أن ما أقبل عليه الكاظمي “متبع في كل دول العالم بعد حدوث خرق أمني، بهدف تنشيط الأجهزة الأمنية، لا سيما مع وجود هؤلاء القادة في مناصبهم فترة طويلة”. متسائلاً “عن كيفية تدريب الإرهابي المسؤول عن التفجير ومن استضافه، بالتزامن مع حديث الأجهزة الأمنية عن سيطرتهم على الأوضاع؟”.
وأضاف، “إقالة القيادات وتعيين بدلاً منهم صحيح، لتبديل الدماء وامتصاص نقمة الشعب العراقي”. مشيراً إلى أن هؤلاء “أمام تحديات كبيرة في كشف المضافات التي تجهز الانتحاريين، ووضع أسلوب أمني وأفكار جديدة، فضلاً عن أنهم تحت ضغط هياج الشارع”. داعياً إياهم إلى “إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى المنظومة الأمنية، والكشف عن الأناس الخطرين في بغداد”.


هؤلاء هم القادة الجدد
التغيرات، التي جاءت بعد ساعات من الهجوم، ركزت على الأجهزة الاستخبارية، التي لم تطلها تعديلات منذ سنوات، خصوصاً مديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب بوزارة الداخلية، أو ما يعرف بــ “خلية الصقور”. فمديرها اللواء عبد الكريم عبد فاضل، المُكنى أبو علي البصري، موجود في منصبه منذ حكومة نوري المالكي الثانية، وهو الرجل الذي أقاله الكاظمي وحل حميد الشطري بدلاً منه.
كما شملت التغييرات إعفاء وكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات الفريق عامر صدام من منصبه، الذي عينه رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، وتعيين الفريق أحمد أبو رغي، الذي يشغل حالياً منصب رئيس لجنة ملاحقة الفساد الإداري، وعمل قبلها مديراً للشؤون الداخلية ومسؤولاً عن ملف ملاحقة عناصر القاعدة وداعش في بغداد، قبل إحالته للتقاعد نهاية 2014.

وأعادت قرارات الكاظمي قائد الشرطة الاتحادية السابق الفريق رائد جودت شاكر إلى منصبه بدلاً من الفريق جعفر البطاط بعد إقالة الأول في الـ 28 من أغسطس (آب) 2019، من قبل وزير الداخلية السابق ياسين الياسري، حيث يُعد الأول من أبرز القيادات الأمنية التي حاربت الميليشيات في مدينة كربلاء خلال الفترة ما بين عامي 2007 و2008، وشغل مناصب حساسة في جهاز المخابرات، قبل أن يتولى قيادة الشرطة الاتحادية خلال معركة تحرير المدن العراقية من سيطرة “داعش”.
ولم تستثن القرارات قائد عمليات بغداد الفريق قيس المحمداوي، الذي شغل المنصب مرتين خلال عام، بعد إقالته من قبل رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، ومن ثم تعيينه مجدداً خلال الأشهر الماضية، إذ عُين بديلاً عنه اللواء الركن أحمد سليم، الذي يعد مقرباً من الكاظمي، وتسلم عدة مناصب خلال السنوات السبع الماضية، أهمها قائد الفرقة 17 والفرقة 6 من الجيش العراقي، اللتين توجدان في بغداد، ونائب قائد عمليات نينوى وقائد عمليات الجزيرة والبادية.


وقررت قيادة العمليات المشتركة سحب قوات الشرطة المحلية والشرطة الاتحادية من بوابات المنطقة الخضراء، وساحة الطيران حتـى منطقة الكرادة وسط العاصمة، وتكليف لواء من الفرقة الخاصة بتولي إدارة الأمن في المنطقة.


وتتولى الفرقة الخاصة المرتبطة بمكتب القائد العام للقوات المسلحة المتكونة من 10 آلاف مقاتل، مهام حماية المنطقة الخضراء والأماكن الحساسة في العاصمة، ومحيط مطار بغداد الدولي والملف الأمني في مركز مدينة كركوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى