مقالات

وأخيراً‭.. ‬صنع‭ ‬في‭ ‬الصين

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

كانت‭ ‬تصريحات‭ ‬حكومية‭ ‬عدة‭ ‬قد‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬تشير‭ ‬الى‭ ‬الترحيب‭ ‬باستئناف‭ ‬محادثات‭ ‬ايران‭ ‬والسعودية‭ ‬بعد‭ ‬خمس‭ ‬جولات‭ ‬رعتها‭ ‬الحكومة‭ ‬السابقة،‭ ‬ولم‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬محتواها،‭ ‬لكن‭ ‬المسار‭ ‬كان‭ ‬واضحاً‭ ‬في‭ ‬انه‭ ‬يعني‭ ‬العمل‭ ‬لإعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬اضطلعت‭ ‬فجأة‭ ‬بإنجاز‭ ‬رعايته‭ ‬الصين‭ ‬،‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬الدولتين‭ ‬بنسب‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬التحالف‭ ‬المحوري‭ ‬غير‭ ‬المكتوب‭ ‬مع‭ ‬ايران‭ ‬وبطريقة‭ ‬التحالف‭ ‬التجاري‭ ‬والتقني‭ ‬والنفطي‭ ‬المفتوح‭ ‬على‭ ‬آمال‭ ‬مستقبلية‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬تنزع‭ ‬نحو‭ ‬قرار‭ ‬منفتح‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬يحررها،‭ ‬نسبيا‭ ‬طبعاً،‭ ‬من‭ ‬الخانة‭ ‬الامريكية‭ ‬المجردة‭.‬الصين‭ ‬لها‭ ‬مصالح‭ ‬كبرى‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬والسعودية،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬صالحها‭ ‬غياب‭ ‬احدى‭ ‬الدولتين‭ ‬عن‭ ‬أجندتها‭ ‬بسبب‭ ‬الصراع‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يرتدي‭ ‬العباءة‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وتكاد‭ ‬طهران‭ ‬برغم‭ ‬ذكاء‭ ‬لعبها‭ ‬بالبيضة‭ ‬والحجر‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬الفخ‭ ‬بسبب‭ ‬الإبطاء‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬تنهي‭ ‬فيه‭ ‬معوقات‭ ‬توقيع‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬لاسيما‭ ‬انّها‭ ‬الآن‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬كأكبر‭ ‬دولة‭ ‬مقابلة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬الساخن‭.‬‭ ‬السؤال‭ ‬الأهم،‭ ‬لماذا‭ ‬جرى‭ ‬اعلان‭ ‬الاتفاق‭ ‬السعودي‭ ‬الإيراني،‭ ‬وقد‭ ‬أوشكت‭ ‬كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬أن‭ ‬تدل‭ ‬بوضوح‭ ‬على‭ ‬اقتراب‭ ‬ضربة‭ ‬خارجية‭ ‬ضد‭ ‬المنشآت‭ ‬الإيرانية‭ ‬النووية‭ ‬وربّما‭ ‬سواها؟‭ ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬يجيب‭ ‬بالقول‭ ‬انّ‭ ‬الرياض‭ ‬تريد‭ ‬اثبات‭ ‬انها‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬صدد‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬عدائي‭ ‬دولي‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬ولاتريد‭ ‬حربا‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لأي‭ ‬سبب‭ ‬كان،‭ ‬وهذا‭ ‬الأقرب‭ ‬الى‭ ‬الحقيقة‭ ‬والتعاطي‭ ‬الواقعي‭ ‬الجديد‭ ‬لسياسة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭.‬أمّا‭ ‬السؤال‭ ‬الآخر‭ ‬المهم،‭ ‬فهو‭ ‬متى‭ ‬كان‭ ‬وجود‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬انهاء‭ ‬حالة‭ ‬الصراع‭ ‬،وربما‭ ‬العداء‭ ‬بين‭ ‬دولتين،‭ ‬فقد‭ ‬خاض‭ ‬العراق‭ ‬وإيران‭ ‬حرباً‭ ‬لمدة‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات‭- ‬1980‭-‬1988‭ ‬لا‭ ‬تضاهيها‭ ‬سوى‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬كانت‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬غير‭ ‬مقطوعة‭ ‬بينهما،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬انّ‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يحكم‭ ‬البلدان‭ ‬هما‭ ‬الراحلان‭ ‬الخميني‭ ‬وصدام‭ ‬حسين‭.‬أرى‭ ‬انّ‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬مَن‭ ‬سيجني‭ ‬ثمار‭ ‬التصالح‭ ‬الإيراني‭ ‬السعودي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيادة‭ ‬فرص‭ ‬السلام‭ ‬وانهاء‭ ‬حرب‭ ‬كبيرة‭ ‬وقاسية،‭ ‬وانّ‭ ‬الكرة‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬اليمنيين‭ ‬أنفسهم‭ ‬للالتفات‭ ‬الى‭ ‬مصالح‭ ‬وحدتهم‭ ‬الوطنية‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الاستقطابات‭ ‬الاقليمية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬مآسيهم‭.‬وأخيراً‭ ..‬صُنع‭ ‬الاتفاق‭ ‬في‭ ‬الصين‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى