مقالات

النهر يجف .. هذا ما أرى – جليل وادي

ينصح المسؤولون في وزارة الموارد المائية المواطنين بتوخي الدقة عند استقاء الأخبار من وسائل الاعلام ، وعدم الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي ، والذهاب الى المصادر الاخبارية الأصلية ، والاستماع الى ما يقوله المختصون ، لأن بعض ما يُقال بشأن شح المياه ، واحتمال تعرض العراق الى أزمة مائية قد تصل بتأثيراتها حتى الى مياه الشرب ، هي أخبار كاذبة ، وان أوضاعنا المائية مستقرة ، وليس هناك ما يدعو الى القلق ، وبعض من هذا الكلام قاله معالي الوزير مهدي رشيد الحمداني الأربعاء الماضي في مؤتمر صحفي من مدينة النجف الأشرف ، وربما جاء تصريحه بهدف تبديد قلق الناس ، مع ادراكه بوجود أزمة ، فعند حصول الأزمات ليس من الحكمة الكشف عن جميع الحقائق ، لأن من شأن ذلك اثباط العزائم ، وارباك الرأي العام ، ما يقلل من القدرة على ادارة الأزمة ، ولكن هل ينطبق هذا الكلام على جميع الأزمات ، ولا سيما الأزمة المائية المكشوفة أمام الناس ، وعلى العكس مما قاله الوزير أكد بعض السياسيين ان في الأفق أزمة مائية خانقة ، وأشاروا بالأرقام الى المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الواقع الزراعي في البلاد ، وليس بالضرورة أن تكون تصريحات السياسيين مهنية وبنوايا سليمة تستهدف لفت أنظار الجهات المعنية لخطر محتمل ، بل في غالبيتها ذات أبعاد سياسية يراد بها تشويه الصور ، واقناع الرأي العام بفشل الحكومة في ادارة ملفات مهمة.وفي غمرة التصريحات المتناقضة التي ازدحمت بها وسائل الاعلام ، كنت أنظر الى نهر ديالى الذي يكاد يجف ، وليس فيه سوى مستنقعات ، يلعب الأطفال في قاعه دون خوف ، في حين باشر بعض الفلاحين بحفر الآبار ، الى ذلك تعالت شكاوى أهالي الأهوار من انخفاض منسوب المياه ، وان بعض الأحياء السكنية في مدن عديدة لم يعد الماء منسابا لديها ، يُضخ في أوقات ويقطع في اخرى على مدار النهار ، اما في الليل فلا وجود للماء اطلاقا ، على أقل تقدير في الحي الذي أسكن فيه ، فعندما يكون هكذا هو الواقع فكيف لا تقلق الناس؟.ليس بالجديد الاشارة الى استخدام المياه كأداة مساومة لتحقيق مصالح وطنية ، وهذا ما يجري في مختلف بقاع العالم ، وأوضح أمثلته ما تقوم به أثيوبيا ازاء مصر والسودان ، وتركيا وايران حيال العراق ، وهذا ليس عيبا ، بل هكذا هي السياسة ، فالوزن الدولي يُقاس بمتانة الأدوات التي تُستخدم في المساومة التي تتعزز بتنوع أدواتها ، وليس الاقتصار على واحدة يمكن للطرف المستهدف بها التحرر منها او الالتفاف عليها بسهولة ، اذ تضع الدول الناجحة أكثر من ( كماشة ) لإيقاع الدول الأخرى ، فان فلتت من واحدة وقعت في الاخرى.ومع ان لدينا الكثير من الأدوات التي تمكّننا من المناورة في علاقاتنا مع دول الجوار وغيرها ، لكننا أهملنا جميع الأدوات ، واستسلمنا للنفط ، ومع ذلك لم نتمكن من ادارته سياسيا ، وظلت أنظارنا مصوبة الى مردوداته المالية فحسب ، وصار مروره من الدول المجاورة فضلا علينا ، وليس نحن أصحاب الجميل.ولن أتحدث عما يربطنا من علاقات مع دول المنبع لأنهرنا والتي تجاوزت مستوى الاخوة والصداقة الى التضحية بشبابنا من أجلها ، وأخرى شخصية وصلت الى حد تعديل ياقات القمصان ، الا اننا لم نتمكن من اقناعها بالكف عن ملء السدود وتغيير مجرى الأنهار ، والالتزام بحصتنا المائية ، وهو حق تكفله القوانين الدولية.انهم يطبخوننا على نار هادئة ، ولن يرضوا الا ببقائنا سوقا مفتوحا لبضائعهم التي يشكل استقرار وضعنا المائي تهديدا ولو جزئيا لها ، وليس أدل على ذلك من حرق حقول الحنطة والشعير ، لا مصلحة لمن نتهم بحرق الحقول الزراعية ، لأنهم يعلمون ان العراق يسد حاجته بالاستيراد ، وفيه مصلحة للسياسيين التجار ، ولا يشكل ذلك ضغطا ، ابحثوا عن المستفيدين ، هل بمقدورنا التلويح بإيقاف التبادل التجاري في حال استمرت سياسة التعطيش ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى