مقالات

تأ ثير جائحة كورونا على الحالة النفسية للمجتمع وعلى الاقتصاد

تأ ثير جائحة كورونا على الحالة النفسية للمجتمع وعلى الاقتصاد – جنان محمد ناجي

ان ما يمر به العالم اليوم من مشكلات وكوارث مختلفة ” طبيعية – وبائية – فيروسية- حروب – أزمات … الخ ” يجعل الأفراد والمجتمعات تعاني نفسيا وصحيا كما هو الحال عليه العالم الآن بسبب فيروس كورونا ، حيث باتت تلبية الاحتياجات النفسية للمجتمع أثناء الكوارث الوبائية والأزمات المختلفة، من الحاجات الاساسية في مجال المساعدة الانسانية والمجتمعية ، وأن الحجر الصحي المنزلي المفروض على عامة الناس في أغلب دول العام بسبب مرض كورونا ( Covid – 19) ليس بالأمر الهين ، بل هو اجراء استثنائي غير مسبوق لتقييد الحريات الفردية مما تسبب بمشاكل نفسية للأشخاص ، وثبت أن للجائحة علاقة بالمتلازمة التنفسية الحادة ( SARS-COV-2) حيث أكتشف المرض في ديسمبر / 2019 في مدينة ووهان – الصين ، وقد صنفته منظمة الصحة العالمية (WHO) في 11/ مارس / 2019 ب ( الجائحة ) ، مما اضطر المنظمة الى اصدار وتعميم الاجراءات الوقائية الواجب اتخاذها من جميع دول العام والفحوصات الازمة ، والالتزام بأتباع خطوات الشفاء التام مروراً بفترة حضانة الفيروس . ومن بين تلك الاجراءات الوقائية هو الحجر الصحي أو الحجر المنزلي الذي تم فرضه على أكثر من مليار شخص حول العام كخطوة لاحتواء تفشي الفيروس ، الأمر الذي أدى الى مشاكل نفسية حادة للأفراد الذين يفقدون وظائفهم على وجه الخصوص ، فالصعوبات المادية وفقدان الدخل اليومي أو الشهري أصحاب الدخل المتدني يمكن أن تسبب لهم الأزمة مشاكل نفسية وخيمة (1). وأن للسطات الحكومية دور كبير في الخروج من هذه الأزمة بأقل ما يكون من الأضرار النفسية من خلال التأكيد على أهمية المعلومة واعتبارها الاساس للتواصل بانتظام عبر توفر الحقيقة بشأن الحجر الصحي وكشف ما يجري فيها بشفافية ، وأن يعي الناس بأن الالتزام بالوصايا والارشادات الصحية وتجنب التجمعات سيساعد في الحفاظ على سلامة الآخرين كذلك ، لاسيما الأكثر ضعفاً الصغار وكبار السن والذين لديهم مشاكل صحية مسبقة ، وأن نشجعهم ونشكرهم لاستجابتهم لدعوات الحجر الصحي من أجل الصحة العامة وهذا سيشجع الأغلبية على البقاء في منازلهم بنوع من الارتياح فـ (التدخل النفسي المبكر من شأنه أن يخفف التوتر بشكل كبير ويحد من تطور ردود الفعل البسيطة الى ردود فعل حادة ).وبسبب تفشي فيروس كورونا المستجد عالمياً فقد اتسعت التصدعات وازداد القلق لدى خبراء المنظمات الدولية من التداعيات الاقتصادية المترتبة على الاجراءات الوقائية المتخذة مؤخراً في جميع بلدان العالم (2).وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية الى ارتفاع البطالة العالمية بنسب تتراوح بين (5.3) مليون ويعتبر سيناريو متفائل والى ( 24.7) مليون للسيناريو المتشائم ، بزيادة تقدر بـ ( 188) مليون على عدد العاطلين عن العمل لعام 2019 وللمقارنة فأن الأزمة المالية العالمية عام 2008 أدت الى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل الى 22 مليون شخص حول العالم .فضلاً عن التوقع بزيادة عدد العاملين الفقراء زيادة كبيرة ، لأن الضغوط على الدخل بسبب تراجع النشاط الاقتصادي ستترك آثاراً سلبية كبيرة على العمال الذين يعيشون على خط الفقر أو تحته ، كما وتقدر منظمة العمل الدولية بأنه ما بين ( 8.8 ) مليون و ( 35) مليون شخص اضافي من العاملين في العالم سيعيشون في فقر ، مقارنة بالتقدير الأصلي لعام 2020 وهو ( 14) مليون في جميع أنحاء العالم . وقد كشفت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة ESCWA) (3) ) بأن هناك عواقب وخيمة نتجت عن تفشي فيروس كورونا المستجد في الدول العربية ، أن نحو ( 1.7) مليون وظيفة ستفقد خلال العام الحالي 2020 وتقدر ( الإسكوا ) الخسائر الاقتصادية في الدول العربية نتيجة لذلك بنحو ( 42) مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات في هذه الدول مجتمعة ، ذلك لأن النمو العالمي قد تراجع للنصف عما متوقع للعام 2020 قد يتراجع أكثر .وعند الخروج من الأزمة العالمية الحالية سيجد العالم نفسه مختلفاً عن الحقبة ما قبل كورونا ، ولعل أبرز ما يمكن الإشارة اليه هو ضرورة أعادة النظر بعلاقة المواطن بالدولة في ظل الأزمات ، وفي العلاقة بين دول العالم المختلفة ، وخاصة بين دول الاتحاد الاوربي ، وإعادة النظر بجدوى التسليح المنفلت والسلاح النووي ، ويستدعي ما تقدم الى ضرورة تعزيز اللحمة الانسانية بين الدول والمجتمعات المختلفة بعيداً عن طبيعة الأنظمة الحاكمة .كذلك يجب إعادة النظر وبشكل جذري بأنظمة الوقاية الصحية واعادة بناء النظم الصحية لحالات الطوارئ وليست لحلات الرخاء فقط ، أن تُترك الشعوب تختار نظمها السياسية بعيداً عن التدخلات الخارجية ، وبالتالي اختيار النظام الاقتصادي ذات الكفاءة الداخلية العالية أثناء الأزمات ، والتركيز على البعد الإنساني لمخرجات النظم الاقتصادية بعيدا عن السلوك الربحي السريع الذي يؤدي تراكم الاموال وعدم استثماره في الأزمات .وعلى ما يبدو فأن اعادة النظر ستطال الحداثة وما بعدها في ضوء بقاء الأنسان كونه القيمة العليا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى