مقالات

السلبيَّة ليست حلاً

عبدالامير المجر

من الامور التي تثير الألم وتشيع جوا من الإحباط، ما نسمعه من البعض بشأن موقفهم من المشاركة في الانتخابات. اذ يقول هؤلاء، كيف لنا ان نشارك في انتخابات رشحت اليها قوى فاسدة.. الخ؟! ويحاجج هؤلاء بان تلك القوى بما تمتلكه من مال ونفوذ تكرّس عبر السنين السابقة، يجعل منها مستحوذة مسبقا على الاصوات، ومن ثم يصبح الذهاب للتصويت من عدمه غير ذي جدوى!. من المؤكد أن هؤلاء، ومن بينهم مثقفون ومتعلمون، اضافة الى اناس بسطاء، ربما تاثروا بهذا الخطاب، الذي اتسع مؤخرا في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المنابر الاعلامية، التي نشطت مؤخرا للتشجيع على المقاطعة، نقول: ان هؤلاء لم يتابعوا الجهد اللوجستي على مستوى أمن الانتخابات والأمن العام، الذي تحقق في الاشهر الاخيرة، وإن شابته شوائب، تحصل مثلها حتى في البلدان المستقرة تقريبا، وايضا لم يتابعوا الاهتمام الاممي والدولي بهذه الانتخابات، وحجم المشاركة على مستوى المراقبة وغيرها، اضافة الى العدد الكبير للمرشحين من غير القوى السياسية التقليدية التي امسكت بالحكم منذ نحو عقدين، وان هذه المعطيات تجعلنا امام فرصة قد لا تتكرر، اذا ما حصلت المقاطعة الواسعة وبقيت الساحة للقوى، التي لا يريدها المقاطعون انفسهم، وهو ما أكدته ممثلة الامين العام بلاسخارت وغيرها من المسؤولين الدوليين والناشطين والمرشحين المحليين. هذه السلبية في السلوك لا تستحضر حقيقة ان التعامل مع السياسة يجب ان يكون باستحقاقاتها الآنية، لا سيما في المراحل التي لا تتحمل أن يكون البعد العقائدي والمواقف السلبية المسبقة حائلا دون الاسهام والحضور الضروري الذي تتطلبه اللحظة، فالسلبية والانكفاء قد يرتبان على البلاد استحقاقا تاريخيا، تبقى تنوء بحمله الشعوب والدول لعقود وقد لا تجد له الحل، والذي يمكن ان يكون حاضرا في لحظتها وممكن قطف ثماره في حينه، والشواهد عبر التاريخ كثيرة جدا حيث لم ينفع بعدها ندم.الذهاب الى الانتخابات اليوم يعني العمل على اقصاء الفاسدين من المشهد، لان الانتخابات هي الوسيلة الوحيدة وان ظروفها الان افضل من اي انتخابات سابقة. وان ترك الساحة يعني تنازل المواطن عن حقه في الدفاع عن وطنه وحقه في هذه المعركة الانتخابية، التي نأمل وبصدق ان تسفر عن واقع جديد، قد لا يكون مثاليا لكن من الممكن جدا ان يكون بداية انطلاقة نحو غد افضل لبلادنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى