مقالات

كذبة الشراكة الوطنية

كلام أبيض

كذبة الشراكة الوطنية – جليل وادي

لا تصدقوا سياسيا يدعي الجهل بمواطن الخلل في العملية السياسية ، ولا تغفروا لمن تغاضى عنها ، وتراخى في اصلاحها ، فما يقرب من العقدين مدة كافية حتى للحجر الأصم أن يدرك بواطنها وظواهرها . لا التمس عذرا حتى للذين جاءت بهم الصدفة ، او تسلقوا على شهادات مزورة ، او لم تزودهم تجاربهم السابقة بخبرات عالم جديد قدر لهم ان يكونوا من بين رجاله ، من لم يكتسب علما في حياته فتجارب الفشل التي انتهت اليها عمليتنا السياسية كفيلة بإكسابهم مهارات السياسة وفنونها ان كان الوطن محفورا في الوجدان ، فما عاد بخاف على أحد ما خلفته تلك التجارب من مآس يصعب تصورها ، وتراجع طال جميع المجالات من التعليم الى الخدمات ، وان أجهد البعض نفسه في تعليبها بذرائع مفبركة للنأي بالنفس عن مسؤوليتها .لقد أفرغ سياسيونا البلاد من وزنها الثقيل ، وأفقدوها القدرة على مساومة من يتدخل في شؤونها ويتحكم بمصائر أبنائها ، ويزج بها في دهاليز الأزمات ، ويتخذها أداة للحفاظ على مصالحه وإدارة صراعاته مع الأعداء.هذا هو الواقع ، والجميع يعيشه بمرارة ، والسؤال الذي يراود الناس : من المسؤول عن كل ما حدث ؟ واذا كانت طيبة قلوب العراقيين وسماحة أخلاقهم تعذر الذين ابحروا بسفينتنا في سنواتها الاولى بأن الخبرة مازالت لم تتبلور والرؤية لم تتضح ، لكن لا عذر يمكن الاختباء خلفه بعد مضي هذه السنوات الطويلة ، فقد بانت هشاشة العملية السياسية ، وركاكة آلياتها الديمقراطية ، وضعف الروح الوطنية التي فتحت الأبواب على مصاريعها لشيوع الفساد ، وفقدان الارادة الصادقة لوقف انتهاكات السيادة .هل ثمة جهة بعينها يمكن إلقاء اللوم عليها ؟ فيما مضى كل يلقي باللائمة على غيره ، فأصابع القوى السياسية تصوب نحو رئاسة الحكومة التي يقودها الشيعة وعذرا لهذه المسميات ، وتحميلها مسؤولية الفشل ، بالمقابل ترد رئاسة الحكومة بان الجميع مسؤول عنه ، ألم يشاركون في الحكومة ويتقاسمون وزاراتها ؟ بما جعل مؤسسات الدولة من أكبرها الى أصغرها تعمل لحساب الأحزاب وبالضد من مصالح البلاد ، وان اطواقا حديدية تكبل رئيس الحكومة وتحول دون العمل الوطني الرشيد ، بينما يتذرع من يدعون تمثيل المكونات بأنهم لا يثقون برئاسة الحكومة والجهات التي تقف وراءها ، ويخشون من توظفيها امكانيات الدولة لتعزيز عناصر قوتها ضد منافسيها وخصومها في مشهد مكتظ بالصراعات لفرض الارادات ، بالمقابل ترد الأطراف المتهمة بان ما يُقال ليس صحيحا ، والحقيقة ان تلك القوى مستقلة كانت ام أداة تابعة لقوى أجنبية تعمل على ادامة تنظيماتها وتقوية نفوذها من الأموال المخصصة لوزاراتها . وهكذا صرنا تحت رحمة (الشركاء الأعداء).ببساطة هذا ما يجري ، وليس الأمر أعقد من ذلك كما يقول من تصفهم الفضائيات بالخبراء الاستراتيجيين ، ففي البدايات كان انعدام الثقة دافعا أساسيا للتشارك في الحكومة ، لكن الشراكة ترسخت بعد ان ذاق الجميع حلاوة المغانم ، وهكذا ارتبطت المصالح الضيقة بالمحاصصة المقيتة . فازداد تمسك الجميع بها ، ولأن الشراكة طريق تتيح للغرباء التسلل لمراكز القرار ، ومن خلالها تُخرب البلاد ، جرى الترويج لها بمسميات براقة كحكومة الوحدة الوطنية أو الشراكة الوطنية او الحكومة التوافقية ، فصدقها الناس واستبشروا .خلاصة الكلام ان ( الشراكة الوطنية ) كذبة سياسية ، والمضي على نهجها يعني الاستمرار بالفشل وزيادة الاحتقان وفقدان الأمل الذي سينفجر في يوم ما لا محالة ، ومن الانفجارات ما هو عصي على السيطرة ، واحتجاجات تشرين مثالا ، لذا نرى ضرورة الذهاب الى حكومة الأغلبية السياسية ، تشكل فريقها على هواها وتنفذ برامجها تحت أنظار المعارضين ، وربما يفضي هذا النهج الى الشروع بخطوات اولى لإصلاح مرتقب ، يريد الرأي العام جهة بعينها ، يصفق لها عند النجاح ، ويحملّها المسؤولية في حال الفشل ، وليس الصاقها بالجميع ، والفائزون بالانتخابات يدركون هذا المفترق الحاسم ، والخيار لهم فيما اذا أرادوا لنجمهم علوا او تهاويا .j

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى