مقالات

هل سيبقى حال الكهرباء هكذا؟

هل سيبقى حال الكهرباء هكذا؟ – سحبان فيصل محجوب

ما تم تأشيره على جوانب الاداء العام للمنظومة الكهربائية العراقية وإدارتها طوال الحقبة الماضية، ومنذ قرابة العقدين من الزمان، وبنحو لا يقبل اللبس، هو التخبط الواضح في مختلف المعالجات المنفذة على مستوى الجوانب كافة التي تخص خدمة تجهيز الطاقة الكهربائية (الانتاج، النقل والتحويل، التوزيع، السيطرة والتحكم… الخ).

إن بناء الأسس السليمة للمنظومة الكهربائية يعتمد على مرتكزات التخطيط المستند إلى بيانات واضحة للحاجات المستقبلية لتغطية متطلبات الأحمال الكهربائية وكذلك مؤشرات سلوك الاستهلاك بانواعه (المنزلي، الصناعي، الزراعي، التجاري، الحكومي، الخدمي).

لا تزال حالة التدهور في مفاصل المنظومة العراقية للكهرباء واضحة المعالم فهي تعاني من عدم قدرتها على تلبية الأحمال الكهربائية، وتحديداً في أثناء فصلي الشتاء والصيف، بالأضافة إلى وجود حالات الاختناق والتحديد في سريان الاحمال في الكثير من عقد شبكاتها، ما عدا تقادم شبكات التوزيع المنتشرة وعدم كفاءتها في المحافظة على الانسيابية المطلوبة في سريان التيار الكهربائي الواصل إلى المستهلكين وما تسببه هذه الشبكات المتهرئة من ضياعات كبيرة في الطاقة المنتجة، هذا الحال على الرغم مما تم انفاقه على قطاع الكهرباء والذي تجاوز مقداره المائة مليار دولار منذ سنة الاحتلال 2003ولحد الآن يوازي هذا توافر الأجواء الدولية في حرية المعنيين في هذا القطاع لاستيراد المعدات اللازمة لتشغيل المحطات الكهربائية والشبكات التابعة لها من مختلف الشركات والمناشئ العالمية على عكس ما كانت عليه ظروف العمل في أثناء حقبة الحصار الاقتصادي المفروض على العراق منذ العام 1991ولغاية سنة الاحتلال 2003، عندما كان التجهيز الخارجي مقيداً ويمر بخطوات معقدة من أجل الحصول على موافقات خاصة من لجان الأمم المتحدة (سيئة الصيت).

أعلن، مؤخراً، عن تطور إنتاج الكهرباء للمنظومة العراقية حسب ما صرح به رسميًا بوصوله إلى حدود الـ23000 ميكاواط وبالرغم من أن هذا الرقم لا يمثل الإنتاج الوطني الحقيقي حيث تم دمجه بتعمد مع إنتاج محطات المستثمرين وكذلك كميات الطاقة المستوردة فأن ذلك يعدّ دون متطلبات الأحمال الكهربائية الفعلية المقدرة بـ35000 ميكاواط على وفق ما متوقع من مستويات الطلب في فصل الصيف الحالي، يؤكد هذا الاعلان الإخفاق الواضح في وضع الخطط والاجراءات الخاصة في مواجهة الأزمة وتطورات طلب الأحمال المستندة إلى منحنيات سنوية كان على المعنيين دراستها على وفق نظرة تحليلية صائبة جديرة بمنع حدوث هذا الفرق الكبير بين العرض والطلب كما يجري في حلول المعضلات التجارية.

وهنا ومن جانب النظرة العامة لظروف عمل المنظومة الكهربائية الحالية وبوساطة عرض شمولي للاجراءات والقرارات المتخذة باتجاه ترميمها وتطوير أدائها وما يتبع ذلك من تأثيرات إقليمية ومحلية على هذه القرارات ويضاف إليها التأثيرات الأمريكية كما يذهب إلى تبني جديتها بعض من يبدع في حياكة المسوغات لتبييض صفحة السلطة الحاكمة وتسويغ حالة التردي التي تعاني منها خدمة الكهرباء، هذه النظرة العامة تؤشر تدني محتوى البرنامج الذي يؤمن تجاوز الازمة الكهربائية الحالية وتداعياتها المختلفة وتفاهته.

هل سيبقى الحال كما هو عليه منذ بداية الاحتلال إلى الآن؟عودة الى عنوان الموضوع (هل سيبقى الحال هكذا؟)…… بعيدا ًعن الانحياز إلى أي طرف أفضت عوامل مساهمته في إنتاج الأزمة فأن الحال سوف يستمر هكذا، بل سوف يتدحرج في سيول الانهيار عالية الخطورة والذي سوف تنتج عنه خسائر كبيرة وتكون الحاجة إلى معالجات معقدة جداً لها تكاليفها الاستثنائية، من جانب آخر فأن هناك خيارات وطنية قادرة على إيقاف التدهور وذلك بالاعتماد على الرؤية الثاقبة في تحليل أسباب تردي الاداء العام في قطاع الكهرباء وتراجعه والذي على أسسه يتمكن المعنيون من وضع الخطط الكفيلة وعلى مساحات زمنية محددة وهذا مشروط بتوفير جوانب الدعم الحكومي كافة لضمان سلامة استقلال القرارات الخاصة في هذا الشأن لتجنب حدوث فعل المؤثرات الخارجية الذي سوف يكون معطلاً لأي جهد وطني نزيه باتجاه الخلاص من معاناة أزمة الكهرباء ومسبباتها.

إن العوامل الأساس الكفيلة ببناء منظومة كهربائية متكاملة وقادرة على تقديم خدمات مستقرة في مجال التجهيز المستمر للتيار الكهربائي متوفرة في العراق، بنحو واسع، فمصادر الوقود الاحفوري والطاقة الشمسية وغيرها متاحة أمام استثمارها لصالح إنتاج الطاقة الكهربائية في حين تفتقر الكثير من البلدان هذه المصادر ولكنها في الوقت نفسه تمتلك منظومات كهربائية ذات وثوقية عالية نتيجة الاستغلال الأمثل لموارد الطاقة المتاحة لديها والمحكم بالوسائط المتخصصة والمتقدمة في الإدارة والتخطيط.من جانب اخر فإن العراق يمتلك خبرات فنية وأكاديمية مختلفة تحملها ملاكات وطنية مجربة ومؤهلة لقيادة قطاعات الإنتاج ومعالجة المشكلات فيها على وفق تجارب ومهارات سابقة معتمدة قبل ان تطالها قرارات الإبعاد والاجتثاث وحوادث التغييب الممنهجة، فالخبرات العراقية معروفة بقدراتها على الصعيد الدولي حيث أثبتت الجدارة في تنفيذها الكثير من المشروعات الكبيرة في العديد من البلدان وبمستوى تميز يشهد له.خلاصة القول:

إن توافر الموارد المالية التي تغطي حاجة قطاع الكهرباء في البناء والتطوير بالإضافة إلى وجود العوامل المادية والبشرية المتاحة أمام إرادة مستقلة وبأدوات نزيهة لهي قادرة على تجاوز حالة التردي والفشل التي تعاني منها الكهرباء العراقية ونقلها إلى حالة مثلى من الاستقرار وبمراتب متقدمة بين دول المنطقة والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى