مقالات

أبناء‭ ‬الدستور‭ ‬الضعيف‭.. ‬ضعفاء

فاتح عبدالسلام

ليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬ان‭ ‬يظل‭ ‬بلد‭ ‬كامل‭ ‬مرهوناً‭ ‬بوضع‭ ‬سياسي‭ ‬قلق‭ ‬ومهترىء،‭ ‬لا‭ ‬يتيح‭ ‬اية‭ ‬فرصة‭ ‬للتنمية‭ ‬او‭ ‬التفكير‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬ضمان‭ ‬مستقبل‭ ‬الأجيال‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬استهلكت‭ ‬الأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬الشاذة‭ ‬طاقات‭ ‬وثروات‭ ‬وبددت‭ ‬إمكانات‭ ‬وكفاءات‭

.‬يضحك‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬مَن‭ ‬يظن‭ ‬انّ‭ ‬النفط‭ ‬هو‭ ‬ضمانة‭ ‬المستقبل‭ ‬للبلد‭ ‬وملايينه‭ ‬الاربعين،‭ ‬فالعالم‭ ‬يرسم‭ ‬سياسات‭ ‬لعشرين‭ ‬سنة‭ ‬مقبلة‭ ‬ثم‭ ‬لخمسين‭ ‬سنة‭ ‬أخرى‭ ‬متوقعا‭ ‬انه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬النفط‭ ‬عنصرا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬استخدامات‭ ‬الطاقة‭ ‬المولدة‭ ‬للصناعة‭ ‬والإنتاج‭ ‬وتسيير‭ ‬عجلة‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬في‭ ‬المنازل‭ ‬والاعمال‭. ‬لذلك؛‭ ‬نرى‭ ‬الدول‭ ‬النفطية‭ ‬تستثمر‭ ‬أموال‭ ‬هذا‭ ‬المورد‭ ‬في‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المستقبل‭ ‬ومصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬البديلة‭ ‬تحسبا‭ ‬لأيام‭ ‬تكون‭ ‬فيها‭ ‬الأجيال‭ ‬المقبلة‭ ‬امام‭ ‬حقائق‭ ‬مميتة‭.‬نسمع‭ ‬أحيانا‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬أو‭ ‬مسؤول‭ ‬معين‭ ‬انّ‭ ‬الضرورات‭ ‬تقتضي‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬المهيمن‭ ‬اليوم‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬ماذا‭ ‬نصنع‭ ‬بالاراء‭ ‬والتصريحات‭ ‬الفردية،‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬البنية‭ ‬السياسية‭ ‬العامة‭ ‬ينخرها‭ ‬الفساد‭ ‬أولاً‭ ‬ثم‭ ‬يعشعش‭ ‬فيها‭ ‬التخلف‭ ‬والعقليات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬الا‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬ضمان‭ ‬المنافع‭ ‬الشخصية‭ ‬والعائلية‭ ‬للسياسيين‭ ‬الذين‭ ‬تتيح‭ ‬لهم‭ ‬الأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬التوافقية‭ ‬تقاسم‭ ‬ثروات‭ ‬البلاد‭ ‬ومواردها‭ ‬بأشكال‭ ‬وصيغ‭ ‬وواجهات‭ ‬ترتدي‭ ‬ثياب‭ ‬القانون‭ ‬والشرعية‭

.‬لقد‭ ‬فشلت‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬الكهرباء‭ ‬مثلا‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬موطنا‭ ‬أزلياً‭ ‬للفساد‭ ‬وقهر‭ ‬المواطنين،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬نجحت‭ ‬بلدان‭ ‬غير‭ ‬نفطية‭ ‬مجاورة‭ ‬منها‭ ‬الأردن‭ ‬ومصر‭ ‬في‭ ‬انتاج‭ ‬طاقة‭ ‬كهربائية‭ ‬فائضة‭ ‬عن‭ ‬الحاجة‭ ‬وقابلة‭ ‬للتصدير‭ ‬وادامة‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬في‭ ‬هذين‭ ‬البلدين‭ ‬كمثالين‭ ‬قريبين‭. ‬كما‭ ‬تمضي‭ ‬دول‭ ‬خليجية‭ ‬الى‭ ‬خيار‭ ‬استخدام‭ ‬المفاعلات‭ ‬النووية‭ ‬السلمية‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية‭ ‬ومختلف‭ ‬المسارات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتطلب‭ ‬وقودا‭ ‬تقليديا‭ ‬او‭ ‬أساليب‭ ‬قديمة‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭.‬‭ ‬

العراق‭ ‬غارق‭ ‬في‭ ‬الخزعبلات‭ ‬السياسية،‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬ينتج‭ ‬دستورا‭ ‬حديثا‭ ‬قابلا‭ ‬للديمومة‭ ‬والنفاذ‭ ‬والاحترام،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬ينتج‭ ‬القوانين‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تنظم‭ ‬الحياة‭ ‬بحسب‭ ‬عامل‭ ‬الدولة‭ ‬والمواطنة‭ ‬المتساوية‭ ‬بشرط‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬جميع‭ ‬المسميات‭ ‬الأخرى‭ ‬دون‭ ‬ذلك،‭ ‬وهامشية‭ ‬وتابعة‭ ‬لقانون‭ ‬الدولة‭ ‬غير‭ ‬القابل‭ ‬لتفسير‭ ‬الاهواء،‭ ‬يوم‭ ‬معه‭ ‬ويوم‭ ‬ضده‭ .‬‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تظل‭ ‬العقليات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬انتجتها‭ ‬حقبة‭ ‬الخمسينات‭ ‬بكل‭ ‬عللها‭ ‬وامراضها‭ ‬ونكساتها‭ ‬مثلا‭ ‬هي‭ ‬السائدة‭ ‬والمهيمنة‭ ‬والتي‭ ‬تقرر‭ ‬مصير‭ ‬شعب‭ ‬كامل،‭ ‬بما‭ ‬يخرجه‭ ‬عن‭ ‬مسار‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬للدول‭ ‬وتطورها‭ ‬ويعود‭ ‬به‭ ‬القهقرى‭ ‬كلما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬امل‭ ‬بسيط‭ ‬للتغيير‭.‬هذه‭ ‬لمحة‭ ‬سريعة‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭: ‬

هل‭ ‬يوجد‭ ‬أمل‭ ‬للتغيير‭ ‬والتحديث‭ ‬وبناء‭ ‬الدولة‭ ‬أم‭ ‬اننا‭ ‬في‭ ‬واد‭ ‬مظلم‭ ‬سحيق‭ ‬؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى