مقالات

‬أحزاب‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬شروط‭ ‬الوجود

فاتح عبدالسلام

ليس‭ ‬مهماً،‭ ‬كم‭ ‬حزباً‭ ‬بات‭ ‬مسجلاً‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬اليوم،‭ ‬فتلك‭ ‬أحزاب‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬الحزب‭ ‬سوى‭ ‬ما‭ ‬يجيز‭ ‬لها‭ ‬الالتزام‭ ‬بتعليمات‭ ‬مستحدثة‭ ‬تجيز‭ ‬منحها‭ ‬الرخصة‭ ‬لخوض‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭. ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬العراق‭ ‬الحديث،‭ ‬كانت‭ ‬الأحزاب‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬العشرة‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬عبر‭ ‬العهود‭ ‬الملكية‭ ‬والجمهورية،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬كان‭ ‬اسم‭ ‬الحزب‭ ‬راسخاً‭ ‬لا‭ ‬يعنيه‭ ‬التقنين‭ ‬والاستجابة‭ ‬لمتطلبات‭ ‬حكم‭ ‬ملكي‭ ‬أو‭ ‬جمهوري،‭ ‬ولا‭ ‬يتأثر‭ ‬بحظر‭ ‬أو‭ ‬حل‭ ‬أو‭ ‬منع،‭ ‬لأنه‭ ‬حزب‭ ‬مؤسس‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬عقائدي‭ ‬وساع‭ ‬نحو‭ ‬أهدافه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الالتفات‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬يطلبه‭ ‬الاخرون‭ ‬منه‭ ‬او‭ ‬يفرضونه‭ ‬عليه،‭ ‬هكذا‭ ‬كانت‭ ‬أحزاب‭ ‬“الشيوعي”‭ ‬و”البعث”‭ ‬و”الاخوان‭ ‬المسلمين”‭ ‬و”الدعوة”‭ ‬و”الديمقراطي‭ ‬الكردستاني”‭ ‬وسواها‭ ‬القليل‭.‬‭ ‬حتى‭ ‬انّ‭ ‬الأحزاب‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ناشطة‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬الملكي‭ ‬واقترنت‭ ‬بمصطلحات‭ ‬“الاستقلال”‭ ‬و”الوطنية”‭ ‬و”القومية”‭ ‬لم‭ ‬تتوافر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يميزها‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬تأخذ‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬اتجاه‭ ‬بطرف،‭ ‬فهي‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬مفاهيم‭ ‬وطنية‭ ‬قد‭ ‬تلتقي‭ ‬معها‭ ‬الأحزاب‭ ‬الأخرى‭ ‬بمكان‭ ‬أو‭ ‬آخر‭.‬اليوم‭ ‬نجد‭ ‬ولادة‭ ‬أحزاب‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬دورة‭ ‬انتخابية‭ ‬لمجلس‭ ‬النواب،‭ ‬ونجد‭ ‬بسهولة‭ ‬ساذجة‭ ‬تحوّل‭ ‬تجمعات‭ ‬عشائرية‭ ‬او‭ ‬طائفية‭ ‬او‭ ‬مسلحة‭ ‬الى‭ ‬أحزاب،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬أدنى‭ ‬الشروط‭ ‬النظرية‭ ‬أو‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬هناكآليات‭ ‬صحيحة‭ ‬في‭ ‬الانبثاق‭ ‬والولادة‭ ‬والتنظيم‭ ‬والانتماء‭ ‬خطوة‭ ‬بعد‭ ‬خطوة‭. ‬وفعل‭ ‬الصدريون‭ ‬حسناً‭ ‬حين‭ ‬تمسكوا‭ ‬بتسمية‭ ‬التيار‭ ‬ولم‭ ‬ينزلقوا‭ ‬الى‭ ‬معمعة‭ ‬الأحزاب،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انهم‭ ‬مارسوا‭ ‬احياناً‭ ‬أدواراً‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬حزبية‭ ‬وكانوا‭ ‬أقرب‭ ‬للحزب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قواعد‭ ‬نظرية‭ ‬صارمة‭ ‬ترتبط‭ ‬بلائحة‭ ‬الولاء‭ ‬المتفق‭ ‬عليها‭.‬الفلوس‭ ‬السياسية‭ ‬تصنع‭ ‬تجمعات‭ ‬مؤقتة‭ ‬لخوض‭ ‬انتخابات،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬انتهازي‭ ‬ونفعي‭ ‬،‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬مليئة‭ ‬بالتزوير‭ ‬وشراء‭ ‬الذمم‭ ‬وعدم‭ ‬الشرعية‭ ‬الحقيقية‭ ‬لتدني‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة،‭ ‬لكن‭ ‬الفلوس،‭ ‬وهي‭ ‬بالملايين‭ ‬المصدرة‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬لأشخاص‭ ‬يدعون‭ ‬تمثيل‭ ‬فئة‭ ‬او‭ ‬جهة،‭ ‬لا‭ ‬تصنع‭ ‬حزباً‭ ‬سياسياً‭ ‬يؤمن‭ ‬أعضاؤه‭ ‬به‭ ‬كعقيدة‭ ‬سياسية‭ ‬وقابل‭ ‬للديمومة‭ ‬وعدم‭ ‬التلاشي‭ ‬مع‭ ‬نفاد‭ ‬الفلوس‭ ‬أو‭ ‬سقوط‭ ‬صاحب‭ ‬المال،‭ ‬كما‭ ‬يؤمن‭ ‬“الشيوعيون”‭ ‬أو‭ ‬“الاخوانيون”‭ ‬أو‭ ‬“البعثيون”‭ ‬أو‭ ‬“الدعاة”‭ ‬أو‭ ‬“البارتيون”‭ ‬بأحزابهم‭.‬‭ ‬هناك‭ ‬مرحلة‭ ‬سطحية‭ ‬وساذجة‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬السياسي‭ ‬للعراق‭ ‬الحديث‭ ‬تبلورت‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين،‭ ‬سيتناولها‭ ‬المؤرخون‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬حتماً،‭ ‬حين‭ ‬تزول‭ ‬المؤثرات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى